المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد

بيان استنكاري وحقوقي للمنظمة بشأن وضعية أراضي الجموع بجماعة سيدي بيبي

 بيان استنكاري وحقوقي للمنظمة بشأن وضعية أراضي الجموع بجماعة سيدي بيبي




التاريخ: 25 يونيو 2025
المرجع: 05/2025/ONDHLC/SB
مقدمة :
في سياق وطني يتّسم بتصاعد الحراك المدني وتزايد مطالب العدالة العقارية والاجتماعية، تتابع المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بقلق بالغ التطورات الخطيرة التي تعرفها أراضي الجموع بجماعة سيدي بيبي، التابعة لإقليم اشتوكة آيت باها، والتي أصبحت نموذجاً صارخاً لحالة التراخي الإداري والتجاوزات القانونية التي تطال هذا النوع من العقار الجماعي، رغم الإطار التشريعي المستحدث الذي جاءت به القوانين التنظيمية 62.17 و63.17 و64.17، خاصة القانون رقم 62.17 المتعلق بالوصاية الإدارية.
لقد أبانت الوقائع الميدانية المتكررة عن وجود فراغ مؤسساتي في تدبير هذا الملف، وغياب تام للردع والزجر تجاه ممارسات الترامي على ممتلكات ذوي الحقوق، وبيعها بعقود ملتوية، يجري توثيقها أمام محاكم رسمية، في تحايل خطير يُفرغ هذه الأراضي من صبغتها الجماعية، ويُجهز على حقوق مواطنين يعيشون في ظروف هشّة ويعلّقون آمالهم على الاستفادة من هذه الأراضي في تحسين أوضاعهم المعيشية.
ويأتي هذا البيان تماشياً مع الاختصاص الحقوقي والرقابي للمنظمة، واستجابة للعديد من الشكايات التي توصلت بها، والمتعلقة بتفويتات غير قانونية، وقرارات معلقة صادرة عن جماعة النواب،
1. تلاعبات خطيرة واستمرار التحايل على القانون
تتوفر المنظمة على معطيات دقيقة تفيد بوجود تحايلات قانونية تتم عبر عقود كراء وتنازل وبيع محررة من طرف محامين، ويتم تصديقها في محاكم ابتدائية رغم تعارضها مع القوانين السارية، مما يفقد الأراضي صفتها الجماعية، ويفتح الباب أمام الاستيلاء غير المشروع على حصص ذوي الحقوق. وهذا يجري في ظل غياب شبه تام للمراقبة والتدخل من قبل نواب الجماعة السلالية أو السلطة المحلية.
2. شلل شبه تام لمؤسسة جماعة النواب
بالرغم من التنصيص القانوني على دور جماعة النواب في حماية الملك الجماعي وفض النزاعات، إلا أن الواقع يؤكد ضعف هذه المؤسسة محليًا، نظرًا لغياب التكوين والتأطير، وضعف الدعم اللوجستيكي، وغياب التعاون الجاد من قبل بعض رجال السلطة، الذين يعمدون إلى تعطيل تنفيذ قرارات جماعة النواب، ورفض التفاعل مع شكايات المواطنين، في تحدٍّ واضح للدورية الوزارية رقم 4585 ولقيم دولة القانون.
3. تقاعس في تطبيق الورش الملكي لتمليك الأراضي
رغم التوجيهات السامية لجلالة الملك بضرورة تعبئة الأراضي السلالية وتحويلها إلى مصدر تنموي يعود بالنفع على ذوي الحقوق، فإن جماعة سيدي بيبي، خصوصًا منطقة آيت اعميرة، ما تزال تعرف تعثرًا كبيرًا في تنزيل هذا الورش الوطني، لأسباب ترتبط بغياب المساءلة، وضعف التنسيق الإداري، وغياب قاعدة بيانات دقيقة حول المستفيدين الحقيقيين.
4. تجاهل ممنهج لشكايات المتضررين
لقد توصلت المنظمة بعدد من الشكايات من المواطنين وذوي الحقوق، أكدوا فيها أن العديد من قرارات جماعة النواب ظلت حبراً على ورق، ولم يتم تنفيذها رغم مرور أشهر وسنوات. كما تم توجيه مراسلات لعامل إقليم اشتوكة آيت باها وللمصالح المعنية، دون الحصول على أي رد رسمي، مما يكرّس فقدان الثقة في المؤسسات.
5. مطالب عاجلة وملحة
بناءً على ما سبق، تطالب المنظمة بما يلي:
فتح تحقيق عاجل ونزيه في خروقات تفويت أراضي الجموع بجماعة سيدي بيبي، مع تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية.
تفعيل القرارات الصادرة عن جماعة النواب، وإلزام رجال السلطة المحلية بالتقيد بمقتضيات الدورية الوزارية رقم 4585.
تكوين وتأهيل نواب أراضي الجموع، وتوفير الإمكانيات الضرورية للقيام بمهامهم.
وقف كافة أشكال الترامي والتفويت التي تتم خارج المساطر القانونية.
إشراك الهيئات الجمعوية والمجتمع المدني في مراقبة وتتبع ورش التمليك، وتدبير العقار الجماعي بشكل شفاف ومنصف.
إحداث لجنة إقليمية خاصة لمواكبة تنزيل الورش الملكي لتمليك الأراضي، وضمان استفادة ذوي الحقوق فعلياً من العائدات التنموية.
6. نداء إلى عامل إقليم اشتوكة آيت باها
تدعو المنظمة السيد عامل إقليم اشتوكة آيت باها، بصفته رئيس مجلس الوصاية الإقليمي، إلى:
التدخل العاجل لتسريع تنفيذ قرارات جماعة النواب.
ضمان احترام القانون والتوجيهات المركزية بخصوص الأراضي السلالية.
فتح باب التواصل مع المتضررين والهيئات الحقوقية بعيدًا عن الانتقائية أو التعتيم.
.
خاتمة :
إن المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، إذ تُصدر هذا البيان، فإنها تعبّر عن تضامنها الكامل مع كل ذوي الحقوق المتضررين من استمرار الفوضى التي يعرفها ملف أراضي الجموع بجماعة سيدي بيبي، وتُحذّر من العواقب الاجتماعية والقانونية الخطيرة التي قد تترتب عن استمرار السكوت الرسمي، وعدم تفعيل قرارات جماعة النواب، وكذا التستر عن أسماء ومصالح متورطة في الترامي على أملاك جماعية دون وجه حق.
وتجدد المنظمة دعوتها إلى وزارة الداخلية من أجل تفعيل مقتضيات القانون 62.17 بشكل صارم، ومواكبة تأهيل نواب الجماعات السلالية، وتمكينهم من الأدوات القانونية واللوجستيكية التي تتيح لهم أداء مهامهم بنزاهة وفعالية. كما تدعو عامل إقليم اشتوكة آيت باها إلى فتح تحقيق إداري شفاف حول الشكايات والملفات العالقة، والقرارات التي ظلت بدون تنفيذ، وإعادة النظر في أداء رجال السلطة المحليين وتحييد كل من يثبت تواطؤه أو تقاعسه في هذا الملف.
وفي الختام، تدعو المنظمة جميع الفاعلين الحقوقيين والإعلاميين والهيئات المدنية إلى رفع منسوب الترافع حول هذا الملف الشائك، وتحويله إلى قضية رأي عام وطني، باعتباره يهم شريحة واسعة من المواطنين الذين سلبوا حقوقهم في وضح النهار، وهو ما لا يتماشى إطلاقاً مع التوجهات الملكية الداعية إلى استثمار العقار السلالي في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية القروية.
.

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: