بيان إدانة الهدم القسري والإفراغ التعسفي للمنازل: انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وتهديد للنسيج الاجتماعي
الرمز التعريفي للبيان
NOHRAC-2025-07-03-01
تابعت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، بقلق بالغ وأسف شديد، ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الوطني من صور ومقاطع فيديو توثق لعمليات هدم منازل المواطنين المغاربة بطريقة مستفزة ومهينة لكرامة الإنسان، خصوصًا في مشاهد تجسدت فيها مآسي اجتماعية صارخة. أحد أبرز هذه المقاطع يُظهر مواطنًا مغربيًا، في لحظة يأس وانكسار، يصرخ بصوت مبحوح: "بأي ذنب تهدمون منازلنا؟ أين زمن التعويض؟ بأي حق تخرجونني من منزلي وتطالبونني بالكراء؟ أين هو الدستور؟".
إن هذه المشاهد لم تكن مجرد لحظات عابرة، بل هي مرآة لما يعيشه العديد من المواطنين من انتهاكات لحقوقهم الأساسية، وفي مقدمتها الحق في السكن الآمن والعيش الكريم. فمن المؤلم أن نرى مواطنين يُشردون في عز الصيف أو في قسوة الشتاء، دون سابق إنذار، ودون تمكينهم من بدائل تحفظ كرامتهم وتحمي أطفالهم وشيوخهم ومرضاهم.
وتنبع خطورة هذه الممارسات من كونها لا تمثل فقط إخلالًا إداريًا في تطبيق القوانين، بل تجسد خرقًا سافرًا لمبادئ العدالة والكرامة الإنسانية التي كفلها الدستور المغربي، وكذا الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
إن عمليات الهدم والإفراغ تتم، في كثير من الحالات، دون مساطر واضحة أو أحكام قضائية نهائية، ودون تقديم تعويضات منصفة، بل وتُنفذ أحيانًا على بيوت مأهولة، بُنيت وفق تراخيص قانونية أو بناء على عقود شراء مصادق عليها، مما يجعل من المواطن ضحية مرتين: مرة أمام سُلط تعِد ولا توفي، ومرة أمام واقع قاسٍ لا يرحم.
وقد تابعت منظمتنا العشرات من الشكاوى من المواطنين المتضررين، ، وتُبيّن حجم الأضرار النفسية والمادية التي لحقت بهم جراء هذه القرارات. كما رصدنا من خلال الفيديوهات واخبار الصحافة حالات مأساوية لنساء حوامل يُجبرن على المبيت في العراء، ولأطفال انقطعوا عن الدراسة، ومرضى فقدوا الأمان والدواء، وكل ذلك في ظل صمت رسمي مريب.
وتزداد فداحة الوضع حين نعلم أن هذه العمليات تتم أحيانًا تحت إشراف سلطات محلية، كان من المفترض أن تكون في خدمة المواطن لا سببًا في معاناته، وأن تحرص على تنفيذ القانون بروح إنسانية لا بعقلية سلطوية جافة.
بناء عليه، نعتبر في المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، أن ما يجري من عمليات هدم غير قانونية يمثل خرقًا لحقوق الإنسان، وضربًا لاستقرار الأسرة المغربية، وتدميرًا لبنية المجتمع، وتكريسًا لسياسات الإقصاء والتهميش. وعليه، فإننا نرفع هذا البيان للرأي العام الوطني والدولي، داعين فيه إلى وقفة ضمير جماعية، ومحاسبة كل من تورط في هذه الممارسات اللا إنسانية
تساؤلات مشروعة نطرحها باسم المواطنين:
1. ما السند القانوني للهدم دون قرار قضائي نهائي؟
2. لماذا لا تُوفر بدائل سكنية لائقة قبل تنفيذ الإفراغ؟
3. هل تم إشعار السكان بطريقة قانونية ومحترمة؟
4. لماذا لا يتم تعويض المتضررين عن تكلفة البناء والأضرار النفسية؟
5. ما موقف مؤسسات الرقابة والمجالس المنتخبة من هذه التجاوزات؟
6. كيف تبرر الدولة هدم مساكن بُنيت بتراخيص رسمية؟
7. ما مصير الأسر التي تعتمد على الأرض كمورد للرزق بعد فقدانها؟
8. لماذا تغيب الشفافية في اختيار المناطق البديلة؟
9. أين دور القضاء في وقف تنفيذ قرارات مشوبة بالشطط؟
10. متى نرى مقاربة إنسانية عادلة تُراعي كرامة المواطن؟
1. مشاهد الهدم التي تُزلزل الضمير الإنساني
المشاهد التي تُوثق لحظات هدم منازل المواطنين البسطاء ليست مجرد لقطات بصرية عابرة، بل هي شهادات حية على مأساة إنسانية عميقة تجسد فقدان الأمان والكرامة. في هذه المشاهد، نرى أشخاصًا لا يجدون إلا الصراخ والدموع ملجأً لهم أمام مشهد تهدم فيه جدران البيت الذي جمعهم مع أحبائهم سنوات طويلة. هذا البيت الذي كان يمثل مأوى الحماية والأمان يتحول في لحظات إلى أنقاض، ليترك خلفه ألم فقدان ليس فقط للسكن بل لفقدان تاريخ عائلي وذكريات متراكمة.
الأطفال الذين نشأوا في هذه المنازل يفقدون أماكن لعبهم ومدارسهم، والشيوخ الذين قضوا حياتهم في رعاية هذه المنازل يُجبرون على الخروج في العراء، معرضين لمخاطر الطقس القاسي والتشرد. المرضى الذين يحتاجون للراحة والاستقرار يفقدون بيئتهم العلاجية. كل ذلك يُشكّل خرقًا إنسانيًا لا يمكن التغاضي عنه.
هذه الممارسات تُبرز غياب الحس الإنساني في بعض الإجراءات الإدارية، وتطرح تساؤلات حول مدى احترام المسؤولين لحق الإنسان في العيش الكريم. لا يمكن لأمة أن تبني مستقبلها على أنقاض بيوت مواطنيها، ولا أن تسير إلى الأمام وهي تترك خلفها أعدادًا متزايدة من المشردين الذين فقدوا حقهم الأساسي في الحياة. إن تدخلات عاجلة من كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ضرورة ملحة لوقف هذه المأساة.
2. افتقاد الإجراءات إلى المشروعية القانونية
تثير عمليات الهدم والإفراغ القسري عدة علامات استفهام على مستوى الشرعية القانونية لهذه الإجراءات. في الغالب، لا يصدر قرار الهدم إلا بعد قرار قضائي صارم يحترم حقوق الأطراف، ويضمن لهم حق الدفاع والطعون القانونية، لكن الواقع يؤكد أن العديد من هذه العمليات نفذت دون اتباع المساطر القانونية الواجبة، وأحيانًا دون علم المتضررين.
هذا الأمر يخالف الفصل 35 من الدستور المغربي الذي ينص على أن الملكية خاصة ومحمية، ولا يمكن المساس بها إلا في حالات محددة وبموجب القانون مع تعويض عادل. كما أن هذا الأمر يتنافى مع المواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي تمنع التهجير القسري، وتلزم الدولة بضمان حقوق الإنسان الأساسية، بما فيها الحق في السكن اللائق.
انعدام المشروعية القانونية في تنفيذ عمليات الهدم يضع مسؤولية ثقيلة على الجهات التنفيذية التي تخرق بذلك القانون وتتنافى مع مبادئ دولة الحق والقانون. المواطن لا يجوز أن يُترك في مواجهة قرار سلطوي غير مبرر، بل يجب أن تتوفر له ضمانات المحاكمة العادلة، والإجراءات القضائية التي تحمي حقه وممتلكاته. إن تجاهل هذه الضمانات يضعف ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة ويهدد السلم الاجتماعي.
3. مسؤولية السلطات المحلية وتجاوزاتها
السلطات المحلية هي الجهة الأولى التي يتعامل معها المواطن، ويقع على عاتقها مسؤولية تنظيم الحياة المحلية وتطبيق القانون بحكمة وعدالة. لكن في كثير من الحالات، تتحول هذه السلطات إلى أداة للضغط والتنكيل بدلاً من كونها حلقة وصل بين المواطن والدولة. يظهر في الكثير من الشهادات والتقارير أن بعض المسؤولين المحليين يتصرفون بمنطق "العقاب" وليس "التنظيم"، متجاوزين صلاحياتهم ومهامهم.
هذا السلوك يتسبب في إحساس المواطن بأنه مجرد هدف للتنفيذ لا صاحب حق يجب أن يُحترم. التعالي والاحتقار في التعامل، وعدم الاستماع لشكاوى المواطنين، واستخدام القوة بدون مبرر، كلها ممارسات تخلق فجوة عميقة بين المواطن والدولة. هذه التجاوزات تعكس أزمة ثقة مؤسساتية، وترسخ شعورًا بالظلم وعدم المساواة، ما يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية واحتقان شعبي.
من الضروري أن تُعيد السلطات المحلية النظر في ممارساتها، وأن تتبنى مقاربة قائمة على الحوار والاحترام، وتعمل كحامٍ للحقوق وليس كمصدر للتهديد، لأن أي تجاوز في هذا السياق لن يكون له أثر إلا المزيد من التوتر وعدم الاستقرار.
4. المواطنون ضحية تناقضات الدولة
يعيش المواطنون في دوامة من التناقضات الإدارية التي تتحمل الدولة مسؤوليتها. فكيف يمكن تفسير أن يمنح المواطن رخصة بناء رسمية من الجهات المختصة، وبعد سنوات يجد بيته معرضًا للهدم بدعوى مخالفة القوانين؟ هذا التناقض يضع المواطن في موقف حرج، حيث يتحمل تكلفة بناء منزل يحترم القوانين ويطبق الشروط، ثم يتم هدمه بسبب اختلاف في تطبيق القانون أو تغييرات إدارية غير مبررة.
هذا الأمر يعكس خللًا في التنسيق بين المؤسسات، وفوضى إدارية تؤثر مباشرة على حياة الأفراد. المواطن هو الضحية التي تدفع ثمن أخطاء الإدارة والتناقضات القانونية. لا يمكن تحميله مسؤولية الفوضى التي تعيشها بعض الأجهزة، كما أن ذلك يثير السؤال حول جدوى وجود آليات رقابية فعالة لمنع هذه التناقضات.
يجب أن تكون هناك مراجعة شاملة للسياسات العمرانية، وضمان أن تكون كل قرارات الهدم مبنية على أسس قانونية واضحة، ومصاحبة لتعويضات عادلة، وإشعار مسبق يمنح المواطنين الوقت الكافي لإيجاد حلول بديلة.
5. التهجير القسري يهدد النسيج الاجتماعي
إن عمليات الهدم والتهجير لا تمس فقط الجدران والأراضي، بل تقوّض النسيج الاجتماعي الذي يُبنى عبر أجيال من الروابط الأسرية والجماعية. العائلات التي تفقد مساكنها تفقد معها أماكن التواصل والتلاقي، وتتفكك شبكات الدعم الاجتماعي التي تحمي أفرادها في أوقات الأزمات.
الأحياء التي كانت حاضنة للتقاليد والذاكرة المشتركة تفقد هويتها بمجرد تفريق سكانها. هذا التفريق ليس مجرد تهجير فيزيائي، بل هو فصل اجتماعي وثقافي يخلق فجوات في التعايش والسلم الاجتماعي. كما أن التهجير القسري يؤدي إلى تفشي مشاكل جديدة مثل التشرد، البطالة، الفقر، وزيادة معدلات الجريمة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن فقدان الأرض والمكان يؤثر على الهويات الفردية والجماعية، ويجعل من المتضررين أشخاصًا يعيشون في حالة من الانفصال والاغتراب عن جذورهم، مما يفتح الباب أمام تداعيات نفسية واجتماعية خطيرة قد تمتد لأجيال.
6. بدائل سكنية غائبة أو غير صالحة للعيش
واحدة من أكثر المشاكل التي تواجه المتضررين من عمليات الهدم هي غياب البدائل السكنية التي تحترم كرامتهم وتلبي احتياجاتهم. كثيرًا ما تُعرض عليهم بقع أرضية في مناطق بعيدة، تفتقر إلى أبسط الخدمات الأساسية مثل المدارس، والمستشفيات، ووسائل النقل، والمرافق الصحية، والكهرباء، والماء الصالح للشرب.
هذه المناطق التي يُرغمون على الانتقال إليها ليست فقط غير مجهزة، بل قد تفتقد أيضًا إلى بيئة اجتماعية آمنة ومستقرة، مما يجعل التجربة أكثر قسوة وألمًا. وهذا يطرح تساؤلاً حول ما إذا كانت هذه الإجراءات تهدف فعلاً إلى توفير حلول، أم هي وسائل للضغط والعقاب على المواطنين.
إن توفير بدائل سكنية لائقة يتطلب تخطيطًا مسبقًا، وتنسيقًا بين مختلف الجهات الحكومية، مع إشراك المجتمع المدني والضحايا أنفسهم في اختيار البدائل المناسبة، وضمان حقهم في حياة كريمة تحفظ كرامتهم وحقوقهم.
7. غياب الشفافية في تدبير الملف
من أكبر العراقيل التي تواجه حل مشكلة الهدم والإفراغ هي غياب الشفافية والوضوح في الإجراءات. لا توجد معايير معلنة وواضحة لتحديد من يُسمح له بالبقاء، ومن يُهدم منزله، كما أن معايير اختيار البقع البديلة غير معلنة ولا يشارك فيها المتضررون.
هذا الغموض يؤدي إلى انتشار الشائعات والتأويلات التي تضر بالعلاقات بين المواطنين والسلطات، وتغذي شعور الظلم والغبن. كذلك يُضعف ثقة الناس في المؤسسات ويجعلهم يشككون في نوايا الجهات المسؤولة، ما يعرقل أي جهود لحل الأزمة.
يتطلب حل هذه المشكلة تطبيق مبدأ الشفافية الكاملة، ونشر جميع المعطيات المتعلقة بالملف للجمهور، وفتح قنوات حوار دائمة مع المواطنين، ما يسهم في بناء جسور ثقة حقيقية.
8. الآثار النفسية الكارثية للهدم
لا يُحسب كثيرًا الأثر النفسي الذي يخلفه الهدم في نفوس المتضررين. فقدان المنزل يعني فقدان الشعور بالأمان والاستقرار، ويثير مشاعر الإذلال والهزيمة. الأطفال يتعرضون لاضطرابات نفسية حادة نتيجة لتغير بيئتهم المفاجئ، مما يؤثر على تحصيلهم الدراسي وسلوكهم.
الكبار يواجهون حالات اكتئاب وقلق متزايدين، وقد يؤدي هذا إلى تدهور العلاقات الأسرية والاجتماعية. المرضى والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يعانون بشكل مضاعف بسبب عدم وجود بيئة مناسبة للعناية والرعاية.
هذه الآثار النفسية ليست بسيطة ولا يمكن تجاهلها، فهي تؤثر على جودة حياة الفرد والأسرة، وتتطلب دعمًا نفسيًا واجتماعيًا وعلاجيًا مستمرًا من طرف الجهات المختصة.
9. ضعف الدور الرقابي للمجالس المنتخبة
المجالس المنتخبة هي صوت المواطن وممثل مصالحه، لكن في العديد من الحالات يظهر ضعف واضح في دورها الرقابي، حيث تغيب تدخلاتها أو تبقى صامتة إزاء عمليات الهدم والإفراغ القسري. هذا الصمت قد يُفسر بالتواطؤ أو بالضعف أو الخوف من مواجهة السلطات التنفيذية.
غياب هذه الرقابة يؤدي إلى انعدام التوازن بين السلطات، ويترك المواطن في مواجهة مباشرة مع السلطة التنفيذية دون حماية. إن استعادة دور هذه المجالس ضرورة ملحة لتعزيز مبدأ المحاسبة، ولضمان وجود صوت مدني وديمقراطي يدافع عن حقوق المواطنين.
يجب تقوية هذه المجالس، وتمكينها من آليات الرقابة والمساءلة، وضمان استقلاليتها عن الضغوطات السياسية والإدارية.
10. الحاجة إلى مقاربة تنموية عادلة
الحل الحقيقي لمشكلة الهدم والإفراغ لا يكمن في ممارسات عقابية وقسرية، بل في بناء مقاربة تنموية شاملة وعادلة. يجب أن تبدأ هذه المقاربة بوضع سياسات تنظيمية تراعي النمو السكاني، وتوفر البنى التحتية والخدمات الأساسية، وتدمج السكان في التخطيط الحضري.
الإنصات لصوت المواطن، ومشاركته في اتخاذ القرارات، وضمان حقوقه هو حجر الزاوية في بناء الدولة الحديثة. العدالة المجالية يجب أن تُترجم إلى أفعال ملموسة تضمن المساواة في التوزيع والاستفادة من الموارد والخدمات.
الدولة القوية هي التي تُقنع مواطنيها من خلال الحوار والعدل، لا التي تُرغمهم بالقوة وتُدمّر حياة الأفراد والمجتمعات. الاستثمار في التنمية البشرية والعدالة الاجتماعية هو السبيل الوحيد لضمان السلم والاستقرار.
التوصيات:
1. وقف فوري وشامل لكل قرارات الهدم والإفراغ.
2. فتح تحقيق قضائي في التجاوزات.
3. تعويض المتضررين تعويضًا عادلًا ومناسبًا.
4. إشراك المجتمع المدني في صياغة الحلول.
5. تقنين تدخلات السلطات المحلية وفق مبادئ الشفافية.
6. توفير بدائل سكنية لائقة ومجهزة.
7. وضع خارطة حضرية عادلة تُراعي النمو السكاني.
8. محاسبة كل مسؤول تجاوز القانون.
9. خلق آلية مستقلة لتلقي شكاوى المواطنين في هذا الموضوع.
10. تنظيم مناظرة وطنية حول الحق في السكن.
الخاتمة
إن ما نشهده اليوم من عمليات هدم قسرية لا يمكن السكوت عنه، ولا يجوز تبريره. فالدولة التي لا تحمي مواطنيها في أبسط حقوقهم، وتُقابل شكاواهم بالصمت، ومآسيهم بالتجاهل، هي دولة تُفرغ نفسها من مضامين العدالة والشرعية. المواطن الذي صرخ أمام عدسة الهاتف صارخًا: "أين الدستور؟"، لم يكن يطلب صدقة، بل كان يستنجد بحق موعود. هذا المواطن هو نموذج لآلاف غيره ممن لا صوت لهم، وممن هُدمت بيوتهم على رؤوسهم، وأُلقي بهم في المجهول.
إننا نعتبر أن حماية كرامة الإنسان أولى من أي مشروع عمراني، وأن السكن ليس امتيازًا بل حق دستوري يجب أن تُرصد له كل الإمكانيات. كما نرى أن محاسبة المسؤولين عن هذه الكوارث ضرورة وطنية لتصحيح المسار.
نخاطب اليوم الدولة بمسؤوليها جميعًا: لا تجعلوا من المواطن عدوا، ولا من السلطة أداة قهر. اجعلوا القانون في خدمة الإنسان، لا الإنسان في خدمة القرار. حافظوا على السلم الاجتماعي، قبل أن تندلع نيران الغضب.
نحن مع التنظيم، ومع احترام القانون، لكننا ضد الظلم، وضد الإذلال، وضد أن تُنتزع الكرامة من أفواه الأطفال والشيوخ دون حساب.
ليكن هذا البيان صوتًا للذين لا صوت لهم، ولتكن كلمتنا هذه بداية لمسار إصلاحي حقيقي يعيد الثقة، ويضمن للمواطن ما يستحقه من أمن وكرامة وحق في العيش الكريم.
هاشتاج
اترك تعليقا: