بيان تضامني واستنكاري حول الأوضاع المتدهورة بمدينة بيوكرى: حاضرة إقليم اشتوكة آيت باها في ظل تهميش بنيوي واختلالات في التسيير
الرمز التعريفي: ONDHLC-B2025/07/02-PIk
المقدمة:
في إطار التتبع الميداني والرصد الإعلامي الذي تضطلع به المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، ومن خلال ما تم تداوله في عدد من التقارير الصحفية، وشهادات عدد من الفاعلين المحليين والغيورين على مدينة بيوكرى، تتابع المنظمة بقلق بالغ الوضع المقلق الذي تعرفه هذه المدينة، والتي تُعتبر قلب إقليم اشتوكة آيت باها، وأحد أهم المراكز الفلاحية على الصعيد الوطني، نظراً لما تساهم به في الأمن الغذائي للمغاربة.
ورغم هذا الدور الاقتصادي البارز، إلا أن مدينة بيوكرى لا تزال ترزح تحت وطأة الإهمال البنيوي، وتعاني من تدهور كبير في بنيتها التحتية، ما يجعلها في وضع لا يليق بحاضرة إقليمية. فقد أظهرت المعطيات الميدانية والصحفية أن البنية التحتية تشهد اختلالات عميقة، تشمل غياب قنوات تصريف مياه الأمطار، تآكل الشوارع، انتشار الحفر، تأخر تنفيذ الإصلاحات، وتدهور المرافق العمومية الأساسية كالمحطة الطرقية والسوق الأسبوعي.
غير أن الواقعة التي أثارت غضب ساكنة بيوكرى سنة 2023 وقتها، وعرّت واقع تسييرها، هي سقوط الشرطي في قناة الصرف؛ فالواقعة لم تكشف النقاب فقط عن هشاشة البنية التحتية بالمدينة، بل كشفت أيضا عن مشكل بنيوي تعاني منه، يتجلى في اختلال تسييرها، وبُطء تنفيذ الإصلاحات، حتى حين يتعلق الأمر بإصلاحات بسيطة، إذ استغرقت الأشغال وقتا طويلا جدا.
حينها تم إغلاق الطريق لعدة أيام، واستمرت الأشغال بوتيرة بطيئة رغم أن الموقع يقع في قلب المدينة التي يقول الكثير من سكانها إنها أشبه ما تكون بـ”فيلاج”، وإن كانت تضمّ مقر عمالة الإقليم التي أحدثت بها منذ عام 1995، ويقارنون بينها وبين مدينة القليعة، التي تحسّنت بنيتها التحتية بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، بعدما كان وضعها، إلى حدود سنوات قليلة، سيئا جدا.
وتتساءل المنظمة، انطلاقًا من معايير الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، عن أسباب استمرار هذا الوضع المتردي، رغم مرور أكثر من ربع قرن على إحداث عمالة اشتوكة آيت باها. فرغم ما تعرفه بعض المدن المجاورة من تطور ملحوظ، لا تزال بيوكرى بعيدة عن الحد الأدنى من شروط الكرامة الحضرية.
وانطلاقًا من مسؤوليتها الحقوقية، وانسجامًا مع رسالتها في الدفاع عن الحقوق الأساسية للمواطنين، تصدر المنظمة هذا البيان لتسليط الضوء على أوجه الخلل، وطرح تساؤلات مشروعة، وتقديم توصيات عملية إلى السلطات المعنية، أملاً في تحريك عجلة الإصلاح وإنصاف المدينة وساكنتها.
حيث تُعدّ بيوكرى من المدن المغربية ذات الأهمية الفلاحية الكبرى، وأنها تُنتج ما يفوق 90٪ من الطماطم الوطنية، بالإضافة إلى تنوع زراعاتها وخيراتها الطبيعية. غير أن هذا الغنى الاقتصادي لا ينعكس بأي شكل على واقع التنمية والبنية التحتية، بل تعاني المدينة من هشاشة هيكلية ونقص حاد في المرافق الأساسية. فرغم احتضانها لمقر عمالة الإقليم منذ سنة 1995، فإنها لا تتوفر على قنوات لتصريف مياه الأمطار، ولا على طرقات لائقة، ولا على مداخل تليق بمركز إداري بهذا الحجم.
المشاهد المتكررة لانهيار الأرض، وظهور الحفر العميقة التي تهدد حياة المواطنين دون تدخل عاجل، تسائل ضمير المسؤولين، كما أن البطء في إنجاز الإصلاحات يُعري الواقع المرّ لتدبير الشأن المحلي. وفي مقدمتها حادث سقوط شرطي المرور داخل حفرة للصرف الصحي وسط المدينة، والذي هزّ الرأي العام وكشف المستور.
من هنا، تعلن منظمتنا تبنيها الكامل لمطالب الساكنة، وتدعو إلى تحقيق عاجل في ملفات الاختلالات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتفعيل مبادئ الحكامة الجيدة وفق مقتضيات الدستور والمواثيق الدولية ذات الصلة بحق المواطن في العيش الكريم والولوج إلى مرافق عمومية لائقة.
تساؤلات مشروعة من ساكنة بيوكرى:
1. لماذا لا تنعكس الثروة الفلاحية الهائلة للمدينة على بنيتها التحتية؟
2. من المسؤول عن تعثر إصلاحات قنوات الصرف الصحي وتأخر تنفيذها؟
3. كيف يُعقل أن حاضرة عمالة إقليمية تفتقر لقنوات تصريف مياه الأمطار؟
4. لماذا تحولت محطة سيارات الأجرة إلى فضاء عشوائي بدل مرفق عمومي منظم؟
5. من يتحمل مسؤولية الأضرار الناتجة عن الحفر التي بقيت مفتوحة لعدة شهور؟
6. ما السبب في عدم تجهيز السوق الأسبوعي بمرافق لائقة وبنية منظمة؟
7. لماذا يتم تبليط الطرقات بالإسمنت الضعيف بدل الزفت المتين كباقي المدن؟
8. من يراقب صفقات الصرف الصحي ومحطة المعالجة التي تصدر روائح كريهة؟
9. من يربح من التجزئات العقارية التي تنمو بينما تغيب الحدائق والملاعب؟
10. هل هناك جهة تعرقل مسار التغيير وتحصر التسيير في يد "العائلات النافذة"؟

1. بنية تحتية تتآكل: صورة عن الإهمال
تعاني مدينة بيوكرى من حالة تردي حاد في بنيتها التحتية، ما يجعلها تبدو وكأنها في حالة سبات تنموي مستمر، يتناقض بشكل صارخ مع مكانتها كعاصمة لإقليم غني وذو أهمية اقتصادية كبيرة. الحفر المفتوحة التي تنتشر في شوارع وأزقة المدينة، والتي عادة ما تُترك دون إعادة تعبيد أو تسوية، تمثل خطرًا يوميًا على حياة السكان والمارة. كما أن انخسافات الأرض التي تظهر بين الفينة والأخرى، لا تقتصر على كونها ظاهرة سطحية، بل تدل على مشكلات هندسية وجيوتقنية عميقة لم تحظَ بالاهتمام المطلوب من الجهات المسؤولة. إن غياب إعادة التبليط أو تعبيد الطرق بعد انتهاء الأشغال يدل على غياب رؤية استراتيجية واستدامة في تدبير المشاريع. رغم مرور سنوات عديدة على تهيئة بعض القنوات أو الطرقات، يبقى الوضع هشًا وغير قابل للاستخدام بشكل مريح وآمن. حادثة سقوط الشرطي في حفرة صرف صحي في قلب المدينة كانت بمثابة جرس إنذار صارخ، لكنها للأسف لم تُحدث صحوة فعلية لدى المسؤولين ولم تُسرع من وتيرة الإصلاحات اللازمة، مما يعكس جمودًا وإهمالًا مستمرًا لا يُبرره أي ظرف.
2. محطة معالجة تُهدد الصحة العامة
تعد محطة معالجة المياه العادمة في بيوكرى من أبرز المشاكل التي تواجه سكان المدينة، حيث أصبحت مصدراً للروائح الكريهة التي تتصاعد بشكل خاص خلال فصل الصيف، مما يخلق أجواء غير صحية تؤثر على جودة حياة المواطنين. هذه الروائح الكريهة لا تقتصر على كونها مجرد إزعاج، بل تسبب أمراضًا تنفسية مزمنة وحساسية متزايدة، خصوصًا لدى الأطفال وكبار السن، وهو ما تؤكده الشهادات المتكررة من الساكنة. بالإضافة إلى ذلك، ساهم انتشار أسراب الحشرات والقوارض الناجمة عن وجود المحطة في محيط المنازل في تفاقم الوضع الصحي، دون أن يتم اتخاذ إجراءات فعالة للحد من هذه الظاهرة. غياب المراقبة البيئية، ونقص الصيانة الدورية، يرفعان من مخاطر التلوث ويجعلان المحطة مصدر خطر بيئي مباشر، مما يتطلب تدخلًا عاجلاً يضمن سلامة المواطنين وحقهم في بيئة نظيفة وصحية.
3. تساقطات مطرية تُغرق المدينة
تتحول كل زخّة مطر إلى مأساة حقيقية في مدينة بيوكرى، بسبب غياب شبكة تصريف مياه الأمطار، التي تعتبر من الأساسيات اللازمة لأي مدينة تحترم نفسها. تتحول الشوارع والأزقة إلى برك مائية كبيرة تُعيق حركة المرور، وتعرقل حياة المواطنين اليومية، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. غالبًا ما يضطر السكان إلى عبور هذه المسطحات المائية باستخدام الحجارة الموضوعة بشكل عشوائي على قارعة الطرق، وهو مشهد يحكي معاناة وألمًا متواصلين أمام عجز السلطات عن توفير أبسط شروط العيش. هذا الواقع لا يقتصر على الإزعاج فقط، بل يهدد سلامة المارة ويزيد من احتمالات وقوع حوادث السير، خصوصًا للأطفال وكبار السن. فشل المدينة في بناء شبكات لتصريف مياه الأمطار ليس فقط تقنيًا أو عمرانيًا، بل يشير إلى خلل جسيم في التخطيط التنموي والرؤية المستقبلية، ما يستدعي مراجعة شاملة وفورية.
4.سوق أسبوعي دون كرامة
يشكل سوق الإثنين الأسبوعي في مدينة بيوكرى مشهداً يعكس أزمة تنظيمية حقيقية، إذ يتحول هذا الفضاء الذي يفترض أن يكون منبرًا اقتصاديًا واجتماعيًا هامًا إلى نموذج للفوضى والاختلالات المتراكمة. تفتقر السوق إلى بنية تحتية مؤهلة تضمن سلامة البائعين والمتسوقين على حد سواء، حيث تختلط مختلف السلع المتنوعة من مواد غذائية، ملابس، أدوات منزلية، وحتى مواشي، في بيئة غير منظمة تُعج بالفوضى. عدم وجود تقسيم واضح ومساحات مخصصة لكل نوع من البضائع يؤدي إلى تداخل المنتجات، ما يزيد من فرص تلوث المواد الغذائية بسبب وجود المواشي بجانبها، ويشكل خطرًا صحيًا على السكان. يضاف إلى ذلك افتقار السوق إلى مرافق صحية عامة ونظافة دورية، مما يؤدي إلى تراكم الأوساخ والنفايات، ويجذب الحشرات والقوارض، ويزيد من معاناة مرتادي السوق. هذا الوضع يثير استياء التجار الذين يجدون صعوبة في العمل وسط هذه الفوضى، كما يضع المتسوقين في مواجهة مخاطر صحية وأمنية، خصوصًا النساء والأطفال. فشل السلطات في تأهيل السوق وتوفير إدارة مهنية ومنظمة يعكس خللاً في التخطيط وعدم اهتمام حقيقي بتحسين جودة الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمدينة. إعادة هيكلة السوق عبر تخصيص مناطق منفصلة، وإنشاء مرافق صحية، وتوفير خدمات النظافة المنتظمة، وتطبيق نظام رقابي صارم هو أمر ضروري لحماية صحة السكان وكرامة التجار.
5.محطة سيارات الأجرة خارج الزمن
تُعد محطة سيارات الأجرة وسط مدينة بيوكرى صورة صادمة على مدى الإهمال والتخلف في تسيير المرافق العامة الحيوية. المحطة التي يفترض أن تكون مركزًا منظمًا لتسهيل تنقلات المواطنين والزوار، تحولت إلى فضاء عشوائي غير مجهز، تفتقر فيه أبسط شروط الراحة والسلامة. أرضية المحطة ما تزال ترابية غير مبلطة، مما يؤدي إلى تكوّن الغبار الذي يزعج الركاب ويهدد صحتهم، خاصة في أوقات ذروة الحركة. لا توجد مظلات أو أماكن انتظار، فلا يستطيع المسافرون العثور على ملجأ يحميهم من حرارة الشمس الحارقة أو الأمطار الغزيرة، مما يجعل الانتظار تجربة شاقة ومحبطة. غياب الكراسي، وأماكن الجلوس يفرض على المسافرين الوقوف لفترات طويلة، بما يزيد من إرهاقهم، خصوصًا كبار السن والمرضى. عدم وجود تنظيم واضح لحركة سيارات الأجرة داخل المحطة يسبب ازدحامات خطيرة، وتضارب بين السائقين، ما يؤثر سلبًا على انسيابية التنقل ويزيد من الفوضى. كما أن غياب دوريات أمنية داخل المحطة يؤدي إلى انتشار مظاهر العشوائية والافتقار إلى الشعور بالأمان. هذا الواقع يعكس ضعفًا كبيرًا في التخطيط الإداري، وعدم استثمار في تطوير هذا المرفق الحيوي الذي يعتبر بوابة المدينة ومصدراً أساسيًا لحركة الناس والبضائع. تحديث المحطة وتجهيزها بمرافق حديثة، وضع نظام رقابي فعال، وتوفير خدمات راقية للمرتفقين، كلها خطوات ضرورية لإعادة الاعتبار لهذه النقطة المهمة في الحياة اليومية لسكان بيوكرى.
6. تدهور في الفضاءات الترفيهية
ملاعب القرب التي من المفترض أن تمثل متنفسًا للشباب ومكانًا للنشاطات الرياضية والترفيهية، في حالة يرثى لها بمدينة بيوكرى. أرضيات هذه الملاعب مغطاة بالإسمنت، مما يعرض اللاعبين لإصابات خطيرة نتيجة السقوط على سطح صلب، فيما لم يتم تزويدها بالعشب الاصطناعي الذي يحمي من هذه المخاطر. الأضرار لا تقف عند هذا الحد، إذ أن الشبكات المحيطة بهذه الملاعب ممزقة أو مفقودة، ما يعرض المستخدمين للخطر، ويقلل من فاعلية هذه المنشآت. معظم هذه الملاعب لم تخضع لأي عملية صيانة أو إصلاح منذ إنشائها، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام، ويزيد من إحساس الشباب بالإقصاء من خدمات المدينة الأساسية. هذا التدهور يؤثر سلبًا على الصحة الجسدية والنفسية لسكان المدينة، ويشكل حاجزًا أمام تنمية الرياضة والثقافة المحلية.
7. تسيير محتكر وأعين مغمضة
تعيش مدينة بيوكرى تحت نظام تسيير احتكاري، حيث يظل القرار المحلي محتكرًا في يد مجموعة محدودة من الأشخاص، لا يتغيرون، ولا يسمحون بإحداث تغيير حقيقي على مستوى التدبير والتسيير. يتحدث العديد من الفاعلين المحليين عن وجود جهات نافذة تهيمن على المجلس الجماعي، وتتحكم في القرارات الكبرى بطرق غير شفافة، مما يحول دون تمكين قيادات جديدة أو فتح المجال أمام تنافس نزيه. هذا الوضع لا ينعكس فقط على جودة الخدمات والبنية التحتية، بل يولّد إحباطًا واسعًا وسط السكان، الذين يشعرون بأن أصواتهم غير مسموعة، وأن مصالحهم تُهمل لصالح مصالح خاصة. تكرار تعيين نفس الأشخاص أو تحكم الأعيان في شؤون المدينة يجعل التطور والتنمية أمورًا بعيدة المنال، ويزيد من ظاهرة الفساد والمحسوبية.
8. غلبة المصالح الخاصة على المصلحة العامة
بينما تعاني بيوكرى من نقص في الحدائق والمدارس والمرافق العمومية، تظهر ظاهرة ملحوظة تتمثل في منح تراخيص بناء التجزئات السكنية بسرعة ودون ضوابط واضحة. هذا التوسع العمراني غير المنظم يثير تساؤلات المواطنين حول الجهات التي تستفيد من هذه المشاريع العقارية، والتي يبدو أنها تخدم مصالح خاصة بعيدة عن تحقيق تنمية شاملة ومتوازنة. افتقار المدينة إلى أماكن خضراء ومتنزهات وفضاءات تعليمية وصحية في المقابل يعكس غياب رؤية تنموية تضع المصلحة العامة في صدارة الأولويات. هذا التوجه أحادي الجانب يجعل المدينة غير صالحة للسكن، ويزيد من ضغوطات الحياة على السكان، كما يفتح الباب أمام نزاعات اجتماعية محتملة.
9. التدبير المالي غير واضح
شهدت بيوكرى تنفيذ مشاريع كبرى بملايين الدراهم، كان من المفترض أن تسهم في تحسين جودة الحياة وتطوير البنية التحتية. لكن الواقع الميداني يكشف عن نتائج كارثية، حيث لم تثمر هذه المشاريع عن أي تحسن ملموس. الصرف الصحي، على سبيل المثال، رغم تخصيص ميزانيات ضخمة له، يعاني من اختلالات كبيرة، فبعض القنوات غير مربوطة بشكل صحيح، وتبقى بعض الأحياء خارج شبكة التطهير. هذا الواقع يدعو إلى ضرورة فتح تحقيق مالي وإداري لمعرفة أسباب الفشل، ومحاسبة المتسببين في سوء التدبير والهدر المالي. عدم شفافية الحسابات يجعل المواطنين يفقدون الثقة في السلطات المحلية، ويدفعهم إلى الشعور بأن أموالهم تُهدر دون رقيب.
10. الحق في مدينة عادلة
لا يمكن الحديث عن العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة في مدينة تفتقر لأبسط شروط العيش الكريم، وتتعرض فيها حقوق المواطنين إلى التجاهل والإهمال. الحق في بيئة صحية، بنية تحتية سليمة، مرافق عامة لائقة، ونظافة مستمرة ليست امتيازًا، بل هي من الحقوق الأساسية التي نص عليها الدستور المغربي والمواثيق الدولية. سكان بيوكرى يستحقون مدينة عادلة توفر لهم فرص العيش الكريم، تمكين الشباب، وحماية صحة العائلات. يجب أن تتضافر جهود السلطات، والمجتمع المدني، والفاعلين المحليين لتحقيق هذا الهدف، وإعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسساته، لأن المدينة التي لا تضمن حقوق سكانها ليست مدينة، بل مجرد مكان يعيش فيه الناس في ظروف مهددة. العدالة الحضرية ليست خيارًا بل واجب وضرورة.

1. فتح تحقيق عاجل في ملفات الأشغال العمومية المتعثرة بالمدينة.
2. إيفاد لجنة مركزية من وزارة الداخلية لتقييم البنية التحتية.
3. تخصيص ميزانية استثنائية لإعادة تأهيل قنوات الصرف ومياه الأمطار.
4. بناء محطة سيارات أجرة نموذجية تحترم شروط الراحة والسلامة.
5. هيكلة السوق الأسبوعي وتخصيص فضاءات منفصلة للماشية والمواد الغذائية.
6. إصلاح ملاعب القرب وتجهيزها بالعشب الاصطناعي.
7. اعتماد الشفافية في منح تراخيص التجزئات والمشاريع الكبرى.
8. إلزام المجلس الجماعي بنشر تقاريره المالية السنوية.
9. إشراك المجتمع المدني في تتبع وتنفيذ المشاريع المحلية.
10. مراسلة المجلس الأعلى للحسابات لإفتحاص المشاريع الفاشلة بالمدينة.
خاتمة:
إن المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، إذ تتابع بقلق بالغ الوضع المقلق في مدينة بيوكرى، تعبّر عن تضامنها المطلق مع ساكنتها في مطالبهم المشروعة، وتستنكر بشدة ما آلت إليه أوضاع المدينة من تهميش وتردٍّ عمراني وخدماتي. فرغم ما تزخر به المنطقة من خيرات اقتصادية، فإن المواطن لا يجني سوى غبار الإسمنت وتهميش الطرقات وروائح الصرف الصحي.
لا يمكن لأي نموذج تنموي أن يُكتب له النجاح في ظل استمرار عقلية الاحتكار وسوء التدبير. المدينة ليست ملكا خاصا لأي كان، بل هي ملك لجميع مواطنيها الذين يدفعون الضرائب وينتظرون مقابلها خدمات لائقة. لذلك، فإن التهاون في أداء الواجبات، وغض الطرف عن مظاهر الفساد أو اللامبالاة، هو تواطؤ صريح ضد كرامة المواطن.
ندعو جميع القوى الحية، من سلطات، جمعيات، إعلاميين، ومنتخبين شرفاء، إلى التكتل من أجل إنقاذ بيوكرى من السكتة الحضرية. لقد آن الأوان لتغيير حقيقي، يُعيد الثقة بين المواطن ومؤسساته، ويضمن لهذا الفضاء الحضاري والاقتصادي موقعه الذي يستحقه ضمن خريطة التنمية الوطنية.
في ضوء ما سبق عرضه من واقع مأساوي يعيشه سكان مدينة بيوكرى على مستوى البنية التحتية والخدمات العامة، لا يمكننا إلا أن نُعبّر عن قلقنا العميق إزاء استمرار هذا التدهور الذي ينعكس سلباً على حياة المواطنين وكرامتهم اليومية. إن المدينة التي تُعتبر مركزًا إداريًا وإقليميًا ينبغي أن تكون نموذجًا للتنمية والحداثة، إلا أن الواقع المؤلم يكشف عن حالة من التهميش والتقصير المتواصل من طرف المسؤولين، الذين لم ينجحوا حتى الآن في توفير أبسط شروط العيش الكريم لساكنتها.
الأزمة التي تعيشها بيوكرى لا تقتصر على الجانب المادي أو التقني فحسب، بل تمتد لتشمل غياب الشفافية، والفساد، وضعف الحكامة المحلية، التي تحول دون النهوض بالمدينة وتحقيق التنمية المنشودة. إن استمرار احتكار القرار المحلي من طرف جهات محدودة، وتهميش صوت المجتمع المدني، يزيد من تعميق هذه الأزمة ويُبعد أي أمل في إصلاح جذري وفعّال.
لذلك، تؤكد المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد على أن تحسين الأوضاع في بيوكرى يجب أن يكون أولوية وطنية، يتبناها الجميع من سلطات مركزية ومحلية، ومجتمع مدني، وفاعلين اقتصاديين واجتماعيين. لا يمكن السماح باستمرار وضعية المدينة على ما هي عليه، ولا يمكن لأي خطة تنموية أن تنجح دون اعتماد مقاربة تشاركية تضع المواطن في صلب الاهتمام، وتستجيب لتطلعاته الحقيقية.
إن حق سكان بيوكرى في بيئة صحية، وبنية تحتية متطورة، وخدمات عمومية محترمة، هو حق لا يمكن التفريط فيه أو تجاهله، وهو ما نص عليه دستور المملكة والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. ومن واجب كل مسؤول أن يعمل على توفير هذه الحقوق وضمان تنفيذها بأعلى معايير الجودة والشفافية.
نؤكد كذلك على ضرورة تفعيل آليات المراقبة والمحاسبة، وفتح تحقيقات مستقلة في جميع المشاريع التي تم إنجازها بالمدينة، لتحديد المسؤوليات ومعاقبة المقصرين أو المتلاعبين بأموال العموم. كما ندعو إلى تسريع إنجاز مشاريع تصريف مياه الأمطار، وإعادة تأهيل المرافق العامة، وتحسين جودة الخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية، لضمان تنمية متوازنة ومستدامة.
ختامًا، نؤمن بأن بيوكرى يمكن أن تعود إلى مكانتها كمدينة نابضة بالحياة والفرص، وأن تتحول إلى نموذج يحتذى به في التنمية المحلية الجادة، ما دامت هناك إرادة حقيقية وعمل دؤوب من الجميع. إن مستقبل المدينة ومستقبل أجيالها يعتمد على قدرة الجميع على تجاوز الإهمال والجمود، والانخراط في مسار إصلاحي يحقق العدالة الاجتماعية ويضمن حقوق كل ساكنيها في الحياة الكريمة.
المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد تقف دائمًا في صف المواطنين، وستظل صوتهم المدافع عن حقوقهم، مطالبة بالوفاء بالتزامات الدولة تجاههم، ومشددة على ضرورة انتهاج سياسة شفافة ومسؤولة تصون حقوق الإنسان وتعزز العدالة والتنمية في كل شبر من مدن المغرب، وخاصة بيوكرى التي تستحق الأفضل دومًا.

اترك تعليقا: