تقرير المنظمة حول الهجرة غير النظامية إلى المغرب: تحديات مركّبة وحلول مؤسسية واجبة
الرمز التعريفي للبيان:
ONDHLC-MAR-2025-06-29-CAID-001
مقدمة:
تمهيد: المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد
في ظل التحوّلات الجيوسياسية والاقتصادية التي تعرفها القارة الإفريقية وأوروبا على السواء، لم يعد المغرب بمعزل عن تداعيات الهجرة غير النظامية، بل أصبح في صُلب مساراتها وتقاطعاتها المعقّدة. وبينما يواجه العالم أزمات ممتدة من النزاعات المسلحة، والتغير المناخي، والتفاوت الاقتصادي، تظلّ الهجرة إحدى أبرز الانعكاسات الإنسانية لهذه الاختلالات.
وانطلاقًا من رسالتها في الدفاع عن الكرامة الإنسانية، ورصد التحولات الاجتماعية والسياسية من منظور حقوقي، تسجّل المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد قلقها العميق إزاء ما آلت إليه أوضاع الهجرة غير النظامية في عدد من المدن المغربية، وعلى رأسها الدار البيضاء، التي تحوّلت تدريجيًا إلى مركز تمركز كثيف للمهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء.
هذا التقرير لا يسعى إلى شيطنة المهاجر، ولا إلى تحميله أوزار الاختلالات المؤسساتية، بل يرمي إلى مساءلة الواقع، وفهم عمق الظاهرة وتداعياتها من زوايا متعددة: أمنية، اجتماعية، اقتصادية، وثقافية. كما يُعنى بتحليل أثر غياب الاستراتيجيات العمومية والتنظيم التشريعي، ويدعو إلى تحوّل شامل من سياسة ردود الأفعال إلى بناء نموذج مغربي إنساني وفعّال لإدارة ملف الهجرة.
إننا، في المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، نعتبر أن الوقت قد حان لوضع تشخيص علمي وميداني للظاهرة، يستند إلى المعطيات الواقعية بدل الانطباعات، ويعتمد على مقاربة شمولية تشارك فيها الدولة، والمجتمع المدني، والمهاجر نفسه بوصفه فاعلًا اجتماعيًا وليس فقط موضوعًا للمقاربة الأمنية.
هذا التمهيد هو بمثابة نداء مفتوح إلى كافة الفاعلين المؤسساتيين والحقوقيين، للتفكير الجماعي في أجوبة مسؤولة ومستدامة لهذا التحدي المعقّد، بما يضمن كرامة الجميع، ويحفظ السلم الاجتماعي، ويصون توازنات البلاد.
في العقد الأخير، تحوّل المغرب من بلد عبور تقليدي للمهاجرين غير النظاميين إلى وجهة استقرار دائم لآلاف الأشخاص الهاربين من ويلات الفقر والنزاعات في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. هذا التحول الاستراتيجي لم يكن وليد لحظة عابرة، بل نتاج تحوّلات إقليمية ودولية كبرى، شملت إغلاق المعابر الأوروبية، وانهيار أنظمة اللجوء في بلدان شمال إفريقيا، وتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية في بلدان المصدر.
وقد أدّى هذا الوضع إلى تعقيد المشهد المغربي، حيث بات ملف الهجرة يلامس قضايا الأمن، والهوية الوطنية، والتنمية الاقتصادية، والاستقرار الاجتماعي، والتوازن الثقافي. فعلى الرغم من بعض المبادرات المرحلية، مثل تسوية أوضاع آلاف المهاجرين سنة 2014 و2017، إلا أن الواقع تجاوز هذه الإجراءات، وأضحى يتطلب إستراتيجية شاملة واضحة المعالم.
تعيش مدن مغربية كبرى، خاصة الدار البيضاء، طنجة، الرباط، ومراكش، اليوم حالة من التفاعل اليومي مع الجاليات الإفريقية، والتي تُمارس أدوارًا اقتصادية وثقافية واجتماعية داخل فضاءات مدنية غير مؤطرة. وفي غياب سياسة اندماج حقيقية، تصاعد التوتر بين المواطنين والمهاجرين، وانفتحت الأبواب أمام ممارسات عنصرية، وأخرى إجرامية، مما يجعلنا أمام ضرورة إعادة صياغة الموقف الرسمي والعمومي تجاه هذه القضية.
الهجرة غير النظامية ليست مجرد عبور أشخاص، بل هي انتقال أنماط حياة، وقيم، وثقافات، وأزمات، إلى مجتمع لم يُهيّأ بعد لاستقبالها أو استيعابها بشكل عادل ومنظّم. من هنا، يصبح النقاش حول هذه الظاهرة مدخلًا لإعادة التفكير في النموذج الأمني والاجتماعي والثقافي المغربي برمّته، بما يضمن احترام حقوق الإنسان من جهة، وحماية السيادة والاستقرار من جهة أخرى.
---
تساؤلات رئيسية:
1. هل ما يزال المغرب يتعامل مع الهجرة غير النظامية كقضية ظرفية أم بات يدرك أنها واقع بنيوي دائم؟
2. كيف يمكن تحقيق التوازن بين حماية الأمن الداخلي واحترام حقوق المهاجرين الإنسانية؟
3. ما مدى مسؤولية الدولة المغربية في اندماج هؤلاء المهاجرين ضمن نسيجها الاجتماعي والثقافي؟
4. إلى أي حد تساهم السياسات الأوروبية في خلق ضغوط على المغرب باعتباره "دركي الحدود"؟
5. هل يمكن تحويل المهاجر غير النظامي إلى عنصر فاعل اقتصاديًا وثقافيًا عبر سياسات عقلانية؟
6. ما دور المجتمع المدني والإعلام في تشكيل الرأي العام تجاه هذه القضية الشائكة؟
7. كيف يمكن ضبط السوق غير الرسمي الذي يضمّ المهاجرين دون الإضرار بالسلم الاجتماعي؟
8. ما مدى خطورة التوترات الإثنية والثقافية على السلم المجتمعي المغربي؟
9. هل تحمي الاتفاقيات الدولية المغرب من التبعات القانونية والإنسانية لإهمال هذا الملف؟
10. ما النموذج المؤسساتي الأمثل لإدارة هذا التحدي المتعدد الأبعاد؟
1. مدخل عام حول ظاهرة الهجرة غير النظامية إلى المغرب
في السنوات الماضية، أصبح المغرب يتصدّر المشهد الدولي في موضوع الهجرة، ليس فقط كمرحلة عبور مؤقتة نحو أوروبا، بل كوجهة لتوجّه دائم لمئات آلاف المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء. هذا التحوّل لم يأتِ اعتباطًا، بل نتيجة تفاعل عوامل متعددة:
إغلاق الحدود الأوروبية: بعد تصاعد الأزمات في ليبيا والبحر الأبيض المتوسط، أغلقت أوروبا عدة مسارات هجرة أمام المهاجرين، ما دفعهم إلى البحث عن بدائل—فكان المغرب أقرب الخيارات وأكثرها أمانًا نسبيًا.
الاستقرار النسبي في المغرب: مقارنة بالبلدان الأخرى في المنطقة، يتميّز المغرب بالأمن النسبي ووضعية سياسية مستقرة، علاوة على شبكة من المؤسسات والجمعيات التي تقدّم بعض الدعم للمهاجرين.
سهولة التنقل داخل المدينة: بفضل خدمات النقل واللغة، يجد المهاجرون فرصة نسبية للاندماج الاقتصادي، خصوصًا في إطار الاقتصاد غير الرسمي الذي يسهل الوصول إليه.
نقص الإرادة التنظيمية الرسمية: تفتقد العديد من المدن المغربية إلى قوانين تنظيمية واضحة تتحكم في حركة الإقامة والتجارة، ما أتاح للمهاجرين التمركز دون رقابة فعالة.
اللامبالاة الدولية: رغم الاتفاقيات الأوروبية المغربية، فإن تنفيذ التزامات إعادة القبول واللجوء ما زال ضعيفًا، ولا يعكس العمق المطلوب في التعاون الدولي.
هذا السياق يجعل المغرب أمام واقع جديد يتطلّب الانتقال من سياسة مرور إلى سياسة استقبال وتنظيم، مع إعادة صوغ سياساته على أساس فهم عميق للدوافع والتداعيات.
2. الأبعاد الأمنية للهجرة غير المنظمة
الهجرة غير النظامية في المدن المغربية، وخاصة الدار البيضاء، ترتبط بتهديدات أمنية متعددة تتطلب تحركًا عاجلًا:
تفكك القيادة التنظيمية: غياب قاعدة بيانات مركزية للمهاجرين يصعّب مهمة الأجهزة الأمنية في تتبع تحركاتهم، ومعرفة حالاتهم القانونية أو خلفياتهم الجنائية.
نمو شبكات الإجرام: تستغل الشبكات المجرمة المهاجرين الضعفاء في أعمال التسول القسري، والاتجار بالبشر، وتهريب المخدرات، وحتى ارتكاب السرقات والاعتداءات.
الفوضى العمرانية: تظهر تجمّعات عشوائية في الأحياء الشعبية، تستقطب أعدادًا كبيرة دون تنظيم، ما يسهل تنامي جرائم الشارع ويقدّم تغطية لوكالات مشبوهة.
ضرورة تدخل أمني مباشر: التجاوزات الأخيرة في وسط الدار البيضاء، التي تسبّبت في هلع المواطنين، تدفع سلطات المدينة إلى ضرورة تفعيل شرطة إقليمية متخصصة في ملفات الهجرة.
التهديد الممتد: عمليات التنسيق مع دول المصدر هامة للكشف عن العناصر المشبوهة داخل المهاجرين، وتحجيم الخطر على الأمن الداخلي.
إخراج المهاجر من الظل: الحسم القانوني في وضعية المهاجر—ما بين نظامي، طالب لجوء، أو غير نظامي—يحد من المساحات المتاحة للنشاطات المشبوهة أو التغطية خلفته.
باختصار، لا يمكن فصل ملف الهجرة عن الأمن العام، فهو يشكّل قاسماً مشتركاً في ضمان الاستقرار ومنع تداخل الجريمة المنظمة مع تدفق البشر.
3. الأثر على النسيج الاجتماعي والسلم المجتمعي
التفاعل بين المغاربة والمهاجرين ليس ظاهرة هامشية، بل يشكل واقعًا يعيد تشكيل الحياة اليومية في بعض الأحياء:
ضغوط ثقافية ومجتمعية: انتشار سلوكيات غير مألوفة، مثل التداول بلغات وتعابير أجنبية في الشارع، يُحدث نوعًا من الاحتقان لدى السكان المحليين، خصوصًا حين يتحول التعايش إلى تصادم.
تخوف السكان من "الغُربة" داخل مدنهم: بعض الأحياء باتت تُعرف بأنّها "مهاجرة"، ما يخلق انطباعًا بتقسيم المدن، وتهديد الهوية المغربية.
التمييز والعنصرية: كثيرون يطيحون إلى الإساءة الكلامية أو الاعتداء الجسدي استنادًا إلى لون البشرة أو الجنسية، ما ينذر بانهيار السلم الاجتماعي.
غياب السياسات الاندماجية: دون خطط واضحة للتدريب المهني، تعلم اللغة العربية، أو تأهيل المدارس لتقبّل أبنائهم، يظل المهاجر في حلقة مفرغة من الإقصاء والتهميش.
الطاقة المجتمعية غير المستغلة: يوجد ضمن المهاجرين أصحاب خبرات وأفراد قادرين على تقديم قيمة مضافة—لكن داخل النسيج الرسمي هذا لا يتجسّد بسبب غياب الشفافية والإرادة التنظيمية.
تهديد السلم التعايشي: ما لم تُصحح العلاقة، سيتحول التمييز إلى كراهية، والكراهية إلى أعمال عنف ضد الأجانب، وفعلًا في بعض المدن تم استهداف مهاجرين انطلاقًا من دوافع عنصرية.
لذلك، فإن ملف الهجرة لا ينبغي أن يُفهم بوصفه تحديًا أمنيًا فقط، بل هو تحدٍ اجتماعي يتطلّب حلولًا ثقافية ومؤسساتية فورية.
4. تحول المغرب إلى بلد استقبال دائم
التحوّل من بلد عبور إلى وجهة استقبال يجعل المغرب أمام خيارات استراتيجية:
الواقع الجديد: وصلت نسبة المقيمين الأفارقة غير النظاميين إلى نحو 100–200 ألف شخص، حسب التقديرات المهنية، وباتوا جزءًا ثابتًا من النسيج العمراني في عدة مدن.
غياب الاستراتيجيات الحكومية: لا تزال الدولة بأجهزتها التنفيذية تتعامل مع الوضع كاستثناء سياسي، على الرغم من أنّه واقع مؤسَّس بوسائل معقدة.
متطلبات الاندماج: لا بد من إنشاء برامج حكومية تُعنى بالتصنيف القانوني للمهاجر، وتمنح مَن ينطبق عليه الحق في الإقامة وحماية قانونية.
نمط الإدماج الاقتصادي والاجتماعي: تشكيل شراكات مع الجمعيات المحلية لإقامة فضاءات مشتركة، مثل مدراس لتعليم اللغة ومراكز تنمية مهارية تُعدّهم للسوق المغربي.
الجانب الإنساني: يفترض أن تكون هناك غطاء رسمي لحماية الضعفاء، وخاصة النساء والأطفال، وضمان حقوقهم في الصحة والتعليم.
خريطة استيعاب متدرجة: تطوّر المدينة يحتاج إلى توزيع المقيمين على مناطق محددة (بنظام مدد معيّن) لخلق تناغم وتسيير مستدام.
هذا التحوّل لا يقلّ أهمية في السياق الوطني من بناء مؤسسات تراثية، فهو سيحدد شكل المغرب خلال العقد القادم.
5. التحديات الاقتصادية المرتبطة بالهجرة
الوضع الاقتصادي يُعدّ ركيزة مركزية لهذا الملف:
الاقتصاد غير الرسمي: حيث يعمل بعض المهاجرين في “أسواق افتراضية”، وخدمات منزلية، مما يهدد وظائف مغربية في هذا القطاع.
ضغط على الخدمات: تعاني المدارس الصحية من اكتظاظ في المدن التي تكتظ بالمهاجرين، ما يؤثر على جودة التعليم والرعاية الصحية.
استنزاف الموارد العمومية: الكهرباء والماء والنقل العام تُستهلك بأكثر من استعداد البنية التحتية في هذه الأحياء، ما يزيد من فاتورة الدولة.
ميزة تنافسية للأجور الرخيصة: أرباب عمل يفضّلون المهاجر لكونه يقبل أجرًا أقل من المغربي، ما يخلق شُحًا وتنافسًا غير متوازن في سوق العمل.
غياب التكامل القانوني: عدم الترخيص الرسمي للعمل يجعل الهروب نحو السوق السفلي هو الخيار الوحيد للمهاجرين، بينما يمكنهم أن يصبحوا شركاء اقتصاديين لو أُديرت قضية الإقامة بوضوح.
إمكانات اقتصادية غير مستغلة: يملك المغرب فرصة للاستفادة من شغف هؤلاء بالمبادرات الصغيرة—كالسوق الافريقية—لخلق أعمال مشتركة مع مغاربة.
حلّ هذا الملف يتطلّب إدماج المهاجرين في السوق الرسمي وإخراجهم من اقتصاد الظل، وإلا فإن ما يُخلق سيكون اقتصارًا على هامش الاستهلاك.
6. النموذج التجاري والثقافي في "السوق السنغالي"
هذا السوق هو نافذة ثقافية، لكنه أيضًا تمثل تحديات تحتاج تنظيمًا محددًا:
نموذج الاندماج الثقافي: مكان يلتقي فيه الموسيقى، الأزياء، التقاليد—لكن هذا الاندماج لا يزال محدودًا داخل فضاء مغلق.
تشابك اقتصادي وثقافي: التاجر المغربي يتعامل مع تاجر سينغالي يوميًا، ما يخلق علاقات تجارية متينة، لكنه في الغالب بلا إطار قانوني.
الافتقاد للتنظيم الحضري: السوق زاد على قدراته العددية دون تسجيل رسمي، ما يشوه وجه المدينة ويعرقل حركة المرور.
فرصة تجارية مدروسة: يمكن تحويل هذا السوق إلى فضاء تجاري ثقافي بجهد مشترك بين الدولة والمجتمع المدني، مع رخص واضحة.
مكان للتعبير عن الأمل: بالنسبة لكثير من المهاجرين، هذا المكان استعادة لهويتهم ووسيلة للتعبير عن رغبتهم في الاستقرار.
مخاطر الانغلاق: إذا بقي السوق بعيدًا عن التنظيم المدني، سيعكس حالة من فشل الاندماج على المستوى المؤسسي.
من هنا، ينطوي النموذج على ثنائية بين فرص كبيرة لكنها تحتاج إلى إطار قانوني ومؤسسات حكومية للمواكبة.
7. آفاق الحلول وتوصيات المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد
ندعو الإدارة المغربية إلى اعتماد مجموعة تدابير شاملة تتمثل في:
1. تشريع وطني للهجرة: قانون واضح يُحدد للمهاجرين الحقوق والواجبات، ويصنّفهم بدقة بين المقيمين القانونيين واللاجئين والمخالفين.
2. مركز تسجيل إجباري: لكل مهاجر في أول دخوله، ليُصنّف ويُمنح وثيقة إقامة أو يُتابع قضائيًا إذا كان مخالفًا.
3. شرطة مختصة في الهجرة: وحدات أمنية مؤهلة لمعالجة الجرائم المرتبطة بالهجرة—من التسول القسري إلى الاتجار بالبشر—ضمن احترام القانون.
4. برامج التأهيل واللغة: يشرف عليها قطاع التعليم، وتوفر للجميع—الأجانب والمغاربة—السياق المناسب للتواصل المشترك.
5. تحفيز الشراكات الاقتصادية: دعم المؤسسات الصغيرة المهيكلة في الأسواق كـ"سوق السنغال"، مع دعم إداري ومالي لتنظيمها ضمن إطار قانوني.
6. اتفاقيات إعادة القبول: مع بلدان الجنوب، لضمان أن العودة الطوعية أو الإجبارية تتم في إطار قانوني وإنساني.
7. حملات تحسيسية واسعة: موجهة للمواطنين والمهاجرين للتثقيف حول حقوقهما وواجباتهما، وتأكيد الإبعاد السلبي للتمييز.
8. تنسيق دولي مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي: للاستفادة من الخبرة والتمويل في ملف اللجوء والهجرة، والعمل على خطة شاملة.
9. مراقبة وتقييم سنوي: عبر تقارير شفافة من وزارة القدس (وزارة الداخلية)، وأجهزة مستقلة مثل المجلس الاستشاري للأسرة والهجرة.
10. خطط طوارئ أمنية مدن: في العاصمة الاقتصادية والرباط وفاس، للتعامل مع أزمات محتملة، وتنظيم تمركزات المهاجرين في المنازل.
ملاحظة :
تؤكد المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد على أن معالجة الهجرة غير النظامية تتطلب توازنًا دقيقًا بين:
الحق الإنساني في اللجوء والعمل الكريم،
والحق القومي في الأمن، الاستقرار، والتنظيم.
وهي تدعو إلى تحويل المغرب نحو نموذج مستدام: بلد استقبال منظم، يعايش التحديات بعدالة واقعية، ويخدم مصلحة الوطن والمهاجر في آنٍ معًا.
توصيات المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد:
1. صياغة قانون شامل للهجرة يراعي المعايير الدولية، ويصنّف بوضوح فئات المهاجرين (لاجئ، طالب لجوء، مهاجر اقتصادي، مهاجر غير نظامي).
2. إحداث هيئة وطنية مستقلة تُعنى بشؤون المهاجرين، ترصد أوضاعهم، وتقترح سياسات الإدماج، وترفع تقارير دورية إلى البرلمان.
3. إحداث مركز استقبال وتسجيل أولي بكل مدينة كبرى، يهدف إلى توثيق الوافدين وتصنيفهم قانونيًا، مع تقديم الدعم الأولي (صحي، نفسي، قانوني).
4. تأسيس شرطة متخصصة في الهجرة ذات تكوين قانوني وإنساني، للتدخل في حالات الاتجار بالبشر والتسول الإجباري والانتهاكات.
5. خلق برامج إدماج لغوي ومهني تضمن تعليم اللغة العربية، القيم المدنية، والمهارات المطلوبة في سوق العمل المحلي.
6. إشراك المجتمع المدني في التكوين، المرافقة، والترافع، مع تعزيز الدعم المالي والتقني للجمعيات العاملة في مجال الهجرة.
7. إحداث فضاءات مشتركة للاندماج مثل المراكز الثقافية والمكتبات والملاعب التي تُسهّل التفاعل اليومي بين المواطنين والمهاجرين.
8. وضع حد للتمييز والعنصرية عبر حملات إعلامية وطنية وإدماج خطاب التسامح في المقررات الدراسية.
9. تشجيع المقاولة المهاجرة بإعطاء رخص مؤقتة لمشاريع صغيرة تُنفّذ بشراكة مع مغاربة، وتستفيد من دعم بلدي أو جهوي.
10. تطوير قاعدة بيانات مركزية تتيح للسلطات تتبع أوضاع المهاجرين وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
خاتمة تحليلية:
لا شك أن الهجرة غير النظامية إلى المغرب باتت تمثل تحديًا وطنيًا ذا أبعاد استراتيجية، ولا يمكن اعتبارها مجرد قضية عابرة أو طارئة. هذا الواقع يُجبر المؤسسات المغربية على الانتقال من منطق رد الفعل إلى منطق الفعل الاستباقي، ومن المعالجة الأمنية الأحادية إلى المعالجة الشاملة متعددة المحاور.
الظاهرة تمس الأمن والاستقرار، ولكنها أيضًا تمسّ جوهر الهوية المغربية ومفهوم العيش المشترك داخل الفضاء المدني. فكما أن للمغاربة الحق في العيش بكرامة داخل فضاء آمن، فإن للمهاجر، وفقًا للقوانين الدولية، الحق في الحماية الإنسانية والمعاملة غير التمييزية، وهذا يتطلّب توازنًا دقيقًا في السياسات العمومية.
إن ترك ملف الهجرة مفتوحًا دون ضوابط قانونية ومؤسساتية سيؤدي حتما إلى تصعيد التوترات بين المواطنين والمهاجرين، وإلى تقوية شبكات الإجرام العابرة للحدود، بل وإلى تحويل مدن مغربية إلى جيوب منعزلة ثقافيًا واجتماعيًا.
وفي المقابل، يمكن تحويل الهجرة إلى فرصة اقتصادية وثقافية وإنسانية، تُسهم في تطوير المدن وفتح المغرب على إفريقيا بطريقة واقعية ومثمرة، شريطة أن يتم ذلك في إطار قانوني عادل، وتحت إشراف مؤسساتي فعّال، وبمشاركة المجتمع المدني.
الخيار ليس بين التساهل والقمع، بل بين العشوائية والتنظيم. وإن لم يتحرك المغرب الآن، فإن تكلفة التقاعس ستكون باهظة أمنيًا واجتماعيًا واقتصاديًا في السنوات القادمة. لذلك، فإن الملف لا ينتظر فقط حلولًا من الدولة، بل من كل الفاعلين في المجتمع—من إعلام، ومؤسسات، ومواطنين، ومنظمات.
الهجرة هي مرآة للعدالة العالمية، ولكنها أيضًا اختبار لمتانة الدولة واستعدادها للتفاعل مع التحولات الكبرى بطريقة إنسانية ومسؤولة في آنٍ واحد.
هاشتاغات:
#الهجرة_غير_النظامية
#المغرب_والهجرة
#أمن_واستقرار
#حقوق_المهاجرين
#سياسات_الهجرة
#السلم_الاجتماعي
#الاندماج_الثقافي
#الاقتصاد_غير_الرسمي
#الدار_البيضاء
#توصيات_الهجرة
#المنظمة_الوطنية_لحقوق_الإنسان
#المهاجرون_في_المغرب
#الهجرة_والتنمية
#تحديات_الهجرة
#العيش_المشترك
اترك تعليقا: