بيان المنظمة زلزال الزابونيا يكشف المستور: خروقات جسيمة وتجاهل رسمي لمعاناة سكان شيشاوة الجبلية
الرمز التعريفي: ONDHLC/STATEMENT/0625-ZABONYA/01
مقدمة
خلال الأيام الأخيرة، تجلت بوضوح حجم الكارثة التي ضربت المناطق الجبلية بإقليم شيشاوة بعد زلزال الزابونيا المدمر، والذي كشف عن خروقات جسيمة في تدخل الجهات المعنية والهشاشة الشديدة التي يعيشها السكان المنكوبون. تعبر المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد عن بالغ قلقها، وتستنكر ما أعلنه عبد الله العزيزي، عضو تنسيقية أطلس الكبير، من كون الواقع على الأرض ينضح بالانتهاكات والتجاهل، خلافا لكل التصريحات الرسمية الزائفة.
السكان المنكوبون يعيشون وسط ركام بيوتهم، شوارع مقطوعة، وطعام شحيح، في حين يرزحون تحت وطأة البرد والجوع، دون أي دعم فعلي أو برامج تأهيلية. هذه الضحية المزدوجة – زلزال طبيعي من جهة، وزلزال إنساني من جهة أخرى – لا يمكن أن تمر دون مساءلة حقيقية للمسؤولين. لقد آن الأوان لرفع الغطاء عن الخروقات، ومساءلة من عطلوا توزيع المساعدات، أو توظيفها لأغراض غير إنسانية، أو أي استغلال فضّته الحواجز البيروقراطية والفساد.
إن صوت سكان الجبال المكلومين يعلو اليوم أكثر من أي وقت مضى، يطالب بحق العيش الكريم، ويعلن: "لن نرضى بدعارات خارج الواقع!". المنظمة تنادي بفتح تحقيق معمّق، بكشف الحقائق أمام الجميع، ومحاسبة المسؤولين عن كل عقبة وضعت بين النازحين والإنسانية. فكيف تقبل الدولة أن تُحاسب أمام شعبها وهي تركت مواطنيها منسيين فوق جبال مهدّمة؟
نركز اليوم على عرض الوقائع، والدعوة إلى تحرك مستعجل وعادل، بالسند القانوني والدستوري، تجسيدا لروح الحكم الرشيد، وحقّ الإنسانية البسيط في الإنقاذ والرعاية والإعمار.
سبعة أسئلة ملحّة
1. لماذا تأخرت أجهزة الدولة في إيصال المساعدات الفعلية للمناطق المنكوبة؟
2. من المسؤول عن ضعف التنسيق بين السلطات والقطاع المدني؟
3. كيف سمح الإهمال بتسرب الخروقات في توزيع الدعم والموارد؟
4. هل هناك خطة رسمية ومحددة لإعادة بناء مساكن السكان؟
5. متى ستُطبق رقابة حقيقية للكشف عن الفساد؟
6. بأي معيار يتم تحديد أولوية التدخل في كل قرية؟
7. هل ستستجيب الجهات لرواية المواطن بدل رواية "البيانات الرسمية المزيفة"؟
عناوين فرعية
1. واقع السكان بعد الزلزال: ركام المسكن وهول الشتاء
لم يعد يُمكن وصف المنازل المهدّمة بالكلمات، فالركام يشكّل عقبة أمام العودة لأي دار. الأغطية والبطانيات غير كافية، والبرد القارس يحيق بهم ليلاً. صرخات النازحين وسط ركام المنازل وبنادق البرد لا تكفيها قرارات مؤجلة أو تصريحات ملطفة. يحتاج الناس إلى حياة، لا بيانات معسولة.
قد هُدمت مناطق بأكملها تمتد على مساحات واسعة، بينما وصل الدعم ببطء؛ أولًا بالشاحنات القليلة، ثم بحتى توقف الأغذية والمواد الأساسية. هذا التفاوت الغريب يثير سؤالاً: هل في حسابات الأداء الحكومية فلتة في المشاعر الإنسانية؟
السكان ممنوعون من العودة، والشتاء على الأبواب، وأغلبهم يعانون نزيفاً غذائياً ونفسياً شديداً. فلا دور للمعونات الباهتة، ولا لمساندة تطمئن لو أن كل شيء سيكون "في مكانه" حين تمطر السماء.
في البرد، يتراجع الضغط النفسي يومياً، إذ يرى الأهالي أطفالهم وألاءمهم ينزفون نفسياً أكثر من الجسدي. وفي كل ذلك، لا يوجد خطة طوارئ اجتماعية أو تأهيل نفسي؛ المنفى الجبلي مستمر رغم النداءات.
ما زاد التراجيديا إهمال الشدّة الطبيعية بأخرى منهجية؛ فغابت الرقابة عن غياب التأهيل، فتوالدت قصص استغلال الدعم لجزر نفوذ، وحرمان مناطق بأكملها من كل مؤونة إنسانية.
لهذا، يتحوّل الركام من مجرد ركام طين إلى رمز لانكشاف هشاشة الدولة وترهلها أمام كوارث تشكل اختبارًا لمدى احترام حياة الإنسان.
2. شهادات حية: "الصوداء في الخروقات" بالفم المنيع
عبد الله العزيزي أكد:
> "كينين خروقات سوداء فهاد الملف، واللي باغي يتأكد يطلع للجبال ويشوف بعينيه حجم المعاناة والإهمال."
والحديث الصريح هذا لم ينقل هواجس من بعيد، بل رواية من قلب الجبال، حيث لادواء، لاطعام كافٍ، ولا سقف ثابت، وإنما مشاهد مؤلمة لأمهات يبحثن عن قطعة خبز لوليدهن، وللأرملة التي آوت المستغيثين في سقفها وحصدت بيوتاً مهدمة لأسرتها.
الشهود يؤكدون أن الفوضى لم تكن فورية بسبب الزلزال فقط، بل بسبب عدم تعبئة الموارد بالشكل المناسب، وتوزيع الدعم وفق تمييز مناطقي وسياسي (القرى المتقاربة تحصل على قدر أكثر من الدعم)، واختفاء المعايير المهنية لتوزيع الأمصال والبطانيات، وتكرار نسخ الاستراتيجية في الأوراق، بينما الناس تنتظر المعونات أمام أبواب الخمول الإداري.
كل هذا أفرز شعوراً عميقاً بعدم الثقة بالمواعيد الرسمية، وبكل بيانات مهذبة، وبكل وعد "قريباً"، لأن ثمّة فارقاً كبيراً بين إعلان بثانٍ وأرض تهوي فوقها من بقي حياً.
3. إعادة التأهيل: محطة البناء المؤجل
يقول مصدر محلي: "شحال قدرك؟ عندك أوراق باش تبني؟"
والجواب: "لا رخصة، لا دراسة، لا خلاص للجماعة…". هذا هو مسلسل تأخير إعادة الأعمار الذي يعيد النازحين إلى حيرة المؤسسات.
هناك مبالغ مخصصة (من صندوق الزلزال والوحدة المدرسية سابقا)، لكن لم يُفعّل أي قرار ببداية الأشغال. وعوض ذلك، وجد السكان قائمة من العوائق: التأمين العقاري، الرسم الطرقي، التصاميم الهندسية، ثم "الرد الإداري" الطويل…
والمأساة لا تتوقف عند السكن؛ فتعاد تشكيل البنى التحتية: طريق معبدة لا تُصلح، شبكة مياه تُكمل غيرها – وكل ذلك يلعب فيها مهندسون إداريون بصبر وهشاشة السكان.
إعادة البناء تنتظر الآلاف من التواقيع؛ بينما على الأرض، المسكن البديل هو كيس معدني أو خيمة متهالكة. وهكذا، يتحول مشروع حياة جديدة إلى سجل من الإهمال المزمن.
4. الإطار القانوني: من حق كل مواطن أن يحيا
إن الدولة استندت إلى مواد دستورية عدة لتنصيب نظام الحقوق الاجتماعية، ولكن تغييبها في الأماكن المنكوبة يكشف عن فقدان التطبيق. فالحق في السكن، والحق في الصحة، والحق في الأمن، كلها مهدورة هنا، والأخطر أن وثائق خرائط الاستعجال تنتهي في الأدراج قبل تجاوز فصل الشتاء.
الدستور المغربي يفرض المبادرة والإسراع في الكوارث، كما ينص على الحق في حياة كريمة. والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يلزم الدولة بحماية الإنسانية في تلك الظروف. لكن الإهمال يبرهن أن النزاع الحقوقي في المناطق المعزولة غير مسموح به.
المنظمة تطالب بتفعيل النصوص التشريعية المؤدية لكل خطوة عملية، ومعجزتها ليست إنشاء مركز أو توزيع كيس طحين؛ بل تحويل هذه الحقوق القانونية إلى واقع ملموس على الأرض.
5. العدالة في التوزيع: مطلب لا يقل عن إعادة الإعمار
لا يمكن أن يستمر توزيع الإعانات بالطريقة الحالية، بخطة "أمر شخصي" يحدد حجم الدعم وفق دافع غير معلن، ومشاريع عاجلة تُطرح على حسب ارتباطات سياسية، بينما الجيران في قرى أقل تضرراً يمنعون من جزء من المساعدات.
هذه "مظلمة" تنم عن فصل غير دستوري في حقوق الناس، مما يهدد التلاحم الاجتماعي، ويولد شعوراً عميقاً بأن المجالس المحلية لم تُصمم لخدمة الجميع، بل لخدمة معارف أو جمهور معين.
نحن ندعو إلى عدالة قائمة على خطة توزيع شفافة، بجهاز محدد، ومراقبة من منظمات المجتمع المدني، ومحاسبة فورية عند أي تلاعب.
6. المحاسبة والشفافية: ضرورات ملحة وانطلاقة رحبة
المنظمة تطالب بطلب رسمي من جميع الجهات، لإطلاق لجنة جهوية مستقلة تضم ممثلين عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المنظمات المختصة، ومراقبين محليين، لتتبع ملف الزلزال، وتوثيق الخروقات، والإبلاغ عن الأساليب المتبعة.
نطالب أيضاً بفتح تحقيق إداري وقضائي، لا يترك الباب مفتوحاً لمن اعتاد الاختباء وراء الإجراءات. ونسأل: لماذا تأخر وصول المحاسبين؟ هل تم فتح تحقيق رسمي؟ هل ثُبت تجاوز؟ كل هذه الأسئلة بحاجة إلى إجابات قبل أن يُدفن الحقيقة دفنًا نهائيًا تحت الرداءة المؤسسية.
توصيات ملموسة
1. إطلاق لجنة تفتيش جهوية دائمة لتقصي الحقائق ومحاسبة المتورطين في الأخطاء والخروقات.
2. إطلاق برامج توزيع عادل وموثق للمساعدات، عبر قوائم شفافة تُنشر أسبوعياً.
3. تسريع منح رخص البناء وإطلاق الأشغال البديلة قبل حلول الشتاء، لضمان مأوى محمي للنازحين.
4. توفير مواد فصلية كافية (بطانيات، مدافئ، مواد غذائية طويلة الأمد) لجميع المتضررين.
5. إيفاد طواقم طبية ميدانية ومعدات إسعاف لتغطية المناطق الجبلية بشكل عاجل.
6. دعم نفسي واجتماعي للناجين والأطفال عبر فرق مختصة.
7. مراقبة فعلية لآليات التوزيع عبر المنظمات المحلية والمجتمع المدني.
8. إطلاق حملة إعلامية وطنية ودولية لتسليط الضوء على أزمة شيشاوة وجذب التضامن.
خاتمة
لقد ضرب زلزال الزابونيا مناطق جبلية في شيشاوة، لكن الكارثة الأكبر كانت إثر الزلزال الإداري والحقوقي. فبينما تهدر الدولة موارد الإنسان الفعلي على الجبال، يتحول الدعم إلى عبء للتوزيع، لا حقًا للإنسان. ومبادرات إغاثة ظهرت كرموز إنسانية عظيمة، إلا أنها علّقت في دوائر الفساد البيروقراطي، لكن صوت الشعب، كما قال عبد الله العزيزي، “حقيقي، وحرق القلب، والناس باقا فايتين الحظ”.
إن هذا البيان ليس مجرد شكوى، بل إعلان وجوب للعدالة؛ عدل ليس في الأعراف، بل في الواقع الثقافي والسلوكي للمؤسسات: عدل يستلم الناس بيوتهم المهدمة، ويوقف البرد برداء التشرد، ويعيد الدفء إلى القرى، ويوقف الهدر والتلاعب. إن العدالة بحق المناطق المنكوبة اليوم ليست رفاهية، إنها واجب وطني وإنساني لا يجب تعطيله.
المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد تجدد استعدادها لتعزيز كل إجراء إيجابي، وتعلن الحرب على كل أولئك الذين تخلوا، على وعودهم، أو أسهموا في شرخ ثقة المواطنين. فنحن نعد بحضور مستمر ومتابعة دقيقة للملف، على مدار الأشهر القادمة، وسيتم توثيق كل شاردة ووصلة.
كما ندعو الجمهور إلى وضع هذه القضية في قلب اهتمامهم، عبر مشاركة هذه الرسالة، والاشتراك في صفحات المنظمة الرقمية، لأن المعركة ليست معركة وزارة فقط، بل معركة كل مواطن يحمل إنسانية وإنصافاً في قلبه. وإن لم يتحرك أحد، سيطرقون أحيانًا بابنا يوم القيامة يسألون، لماذا لم نقف معهم؟
العدالة، الشفافية، الكرامة... ليست شعارات، بل حياة تؤخذ على محمل الجد. شيشاوة، المناطق الجبلية، تنتظر أن نعيدها إلى الحياة. الآن، فقط الآن، يمكن أن نبرهن على مواطنة حقيقية، لا وهم على صفحات البيانات.
هاشتاجات

ندعو كل مواطن ومواطنة، وكل فاعل مدني، وكل مجموعة إعلامية:



معكم سنجعل صوت شيشاوة وقرى الزابونيا مسموعاً، ونحول الوعود إلى واقع. شكراً لتضامنكم.
اترك تعليقا: