المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد

تقرير المنظمة حول زيارة أعضاء المنظمة إلى مجلس النواب المغربي بتاريخ 17 يونيو 2025

 تقرير المنظمة حول زيارة أعضاء المنظمة إلى مجلس النواب المغربي بتاريخ 17 يونيو 2025




الرمز التعريفي للتقرير:
ONDHLC-RP-PARL-17062025
مقدمة
انطلاقًا من رسالتها الحقوقية والاجتماعية النبيلة، واستحضارًا لدورها الحيوي في ترسيخ قيم المواطنة التشاركية والرقابة المدنية على المؤسسات، نظّمت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد زيارة رسمية إلى مجلس النواب المغربي يوم الثلاثاء 17 يونيو2025. وتأتي هذه المبادرة في إطار دينامية جديدة تروم تعزيز انفتاح المجتمع المدني على الفضاءات الدستورية وتعميق الوعي بدور المؤسسة التشريعية في صياغة السياسات العمومية وضمان العدالة التشريعية.
هذه الزيارة تُعدُّ ثمرة مجهود جماعي من مختلف أعضاء المنظمة الجهوية والقيادة الوطنية، وتجسيدًا فعليًا لروح الشراكة والتكامل التي نادت بها الوثيقة الدستورية لسنة 2011، والتي نصّت في فصولها المتقدمة على ضرورة إشراك المجتمع المدني في تدبير الشأن العام. وقد تميزت الزيارة بحضور قوي، وتفاعل بناء بين الأعضاء المشاركين وأطر مجلس النواب، وعلى رأسهم السيد محمد شيبة، الذي كان في طليعة المستقبلين، مؤكدًا على أهمية هذا النوع من اللقاءات التي تُثري الحوار الوطني وتفتح آفاق التعاون والتفاهم.
وقد شكلت هذه المبادرة لحظة تأمل جماعية، ومساحة مفتوحة للتعلم والحوار، ومناسبة ثمينة لتعزيز جسور الثقة بين المواطنين وممثليهم داخل المؤسسة التشريعية. كما تأتي في ظل سياق اجتماعي وسياسي متقلب، يتطلب من جميع الفاعلين تكاثف الجهود لحماية المكتسبات الديمقراطية والعمل على تطويرها خدمة للصالح العام.



1. أهداف الزيارة وأهميتها في السياق الوطني
تهدف هذه الزيارة إلى تفعيل آليات المراقبة المدنية، والاطلاع عن كثب على آليات اشتغال المؤسسة التشريعية، وكذا فهم مسارات التشريع وتقييم السياسات العمومية. ويكتسي هذا الهدف أهمية خاصة في ظل تزايد الدعوات نحو إشراك المواطنين في اتخاذ القرار، خاصة عبر آليتي العرائض والملتمسات المنصوص عليهما في القانون التنظيمي، مما يسمح بتقريب المواطنين من الممارسة البرلمانية الواقعية.
كما تهدف الزيارة إلى ترسيخ ثقافة المشاركة الواعية، ومتابعة الشأن العام بشكل مؤسساتي، بعيدًا عن الخطابات الشعبوية أو المواقف الانفعالية. وقد عبّر أعضاء الوفد عن وعيهم العميق بأهمية مثل هذه المبادرات، ليس فقط لتعزيز حضور المجتمع المدني، ولكن كذلك للمساهمة الفعلية في إصلاح المنظومة التشريعية، عبر تقديم مذكرات اقتراحية مبنية على تشخيص علمي للواقع الاجتماعي.



2. الاستقبال والتنظيم
استُقبل وفد المنظمة من طرف السيد محمد شيبة، رئيس مصلحة العلاقات العامة بمجلس النواب، بحفاوة ولباقة، مما يعكس استعداد المؤسسة التشريعية للتواصل والانفتاح على مكونات المجتمع المدني. وتم تقديم أعضاء الوفد بشكل رسمي، مع تقديم نبذة عن كل عضو ومجالات اشتغاله داخل المنظمة. كما تم توجيه الدعوة لحضور جلسة تعريفية شاملة داخل قاعة الاجتماعات.
كان التنظيم محكمًا، حيث وُزعت الجلسات بين العرض النظري والجولة الميدانية، وخصص وقت كافٍ للأسئلة والمناقشة المفتوحة. هذا التنظيم يعكس إرادة حقيقية لتقريب البرلمان من المواطن، وتجسيد فلسفة "البرلمان في خدمة الشعب" التي ينص عليها الدستور المغربي، خصوصًا في الفصول المتعلقة بالحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
3. الجولة داخل رواق المؤسسة التشريعية
رافقت أطر المجلس الوفد الزائر في جولة داخل الرواق المخصص لتأريخ الحياة البرلمانية، حيث عُرضت صور نادرة ولحظات مفصلية من تاريخ المؤسسة التشريعية المغربية، منذ نشأتها إلى اليوم.
هذه الجولة كانت مناسبة للوقوف عند التحولات الكبرى التي عرفها البرلمان، من مؤسسة رمزية إلى مؤسسة فعالة ومؤثرة في المسار السياسيذ والدستوري للبلاد. وتم خلال الجولة تقديم شروحات دقيقة حول مختلف الوثائق والصور المعروضة، والتي توثق لتطور الحياة الديمقراطية، ولبروز شخصيات وطنية ساهمت في صناعة القرار التشريعي.




4. العرض التثقيفي حول اختصاصات البرلمان
قدّم السيد محمد شيبة عرضًا شاملاً ومبسّطًا حول المهام الأساسية للبرلمان، حيث تطرق إلى مراحل إعداد القوانين، وأدوار اللجان الدائمة، ومساطر مناقشة مشاريع القوانين، ودور الغرفتين في التشريع والمراقبة.
كما تم الحديث عن الدور الرقابي الذي يلعبه البرلمان، خصوصًا من خلال توجيه الأسئلة الكتابية والشفهية، وطلب عقد لجان لتقصي الحقائق، والاستماع للوزراء، وطلب مساءلتهم وفقًا للمادة 100 من الدستور. كما خُصص حيز مهم للحديث عن الإمكانيات المتاحة أمام المجتمع المدني لتقديم ملتمسات تشريعية، وأهمية الانخراط في هذه الدينامية لتقديم مقترحات عملية تعالج هموم المواطن.
5. تفاعل الأعضاء والأسئلة المطروحة
تميز اللقاء بتفاعل قوي من طرف أعضاء المنظمة، الذين طرحوا جملة من الأسئلة الدقيقة، من بينها تلك المرتبطة بقانون الإضراب، والعدالة الاجتماعية، والتمييز في توزيع الثروات، وسبل تفعيل الديمقراطية التشاركية.
وأشاد السيد محمد شيبة بنوعية الأسئلة، مؤكّدًا أن المواطن الواعي هو ركيزة أساسية لأي إصلاح حقيقي، مشيرًا إلى أن البرلمان لا يمكن أن ينجح في مهمته دون مواكبة ومراقبة من طرف المجتمع المدني.
كما عبّر الأعضاء عن رغبتهم في تطوير العلاقة مع المؤسسة التشريعية، سواء عبر متابعة الجلسات البرلمانية، أو تقديم مذكرات بشأن مشاريع القوانين قيد الدراسة، خاصة تلك المتعلقة بالحريات العامة وحقوق الإنسان.
6. دور المجتمع المدني في الحياة التشريعية
أكّد السيد شيبة أن المجتمع المدني يشكل اليوم فاعلًا أساسيًا في صناعة القرار العمومي، إذ لم يعد دوره يقتصر على التوعية أو الاحتجاج، بل أصبح مطالبًا بالاقتراح والمشاركة.
وقد أبرزت المنظمة من خلال هذه الزيارة وعيها بأهمية الانتقال من ثقافة المطالبة إلى ثقافة الاقتراح، والعمل من داخل المؤسسات بدلًا من الاكتفاء بالنقد الخارجي. وتعتبر هذه المقاربة جوهر العمل المدني الجديد، الذي يرتكز على الشراكة والتعاقد بين الدولة والمجتمع.
7. كلمة ختامية وشكر خاص للسيد محمد شيبة
واختُتم اللقاء بكلمة شكر وتقدير من طرف السيدة الأمينة العامة للمنظمة والسيد الرئيس الجهوي سوس ماسة وأعضاء المنظمة للسيد محمد شيبة، الذي لم يدخر جهدًا في تسهيل الزيارة وتقديم المعلومات بشفافية وانفتاح. وتم التنويه بحُسن الاستقبال، والتنظيم المحكم، والاحترام المتبادل الذي طبع اللقاء.
كما تم التأكيد على ضرورة استمرار مثل هذه المبادرات، وتعزيز جسور التواصل بين المجتمع المدني والمؤسسات الدستورية، إيمانًا من الجميع بأن الديمقراطية الحقيقية لا تكتمل إلا بمشاركة جميع الأطراف، في جو من الثقة والمسؤولية والتكامل.




اختتام اللقاء بالدعاء لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله
في ختام هذه الزيارة التفاعلية والمتميزة، التي جمعت بين أعضاء المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد والسيد محمد شيبة، رئيس مصلحة العلاقات العامة بمجلس النواب، تفضل السيد محمد متوكل، المنسق الجهوي وأمين المال بالمكتب الجهوي لسوس ماسة، بتلاوة دعاء مؤثر ومفعم بالولاء والوفاء للمؤسسة الملكية، داعيًا فيه لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بموفور الصحة والعافية، وبالشفاء العاجل التام، وأن يُديم عليه نعمة الأمن والاستقرار، ويحفظه ذخراً وملاذاً لهذه الأمة، وأن يقرّ عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة.
كما تضمنت كلمات الدعاء أمانٍ خالصة بأن يُعين جلالته في مهامه السامية في قيادة البلاد بحكمة وبصيرة، وأن يُوفّقه في سُبُل تعزيز التنمية الشاملة، وتكريس العدالة الاجتماعية، وحماية الحقوق والحريات، وأن يبارك جهوده في تعزيز السياسة المدنية المتوازنة، بعيدًا عن أية أعباء مالية غير ضرورية على الدولة، مع التأكيد على تكامل الأدوار بين جلالته والمؤسسات الدستورية، دون تعارض أو تداخل في الاختصاصات.
وقد خُتم اللقاء بترديد الحاضرين لعبارات الولاء والدعاء الجماعي، تعبيرًا عن حبهم وارتباطهم العميق بملك البلاد، والتزامهم بالمضي قدمًا في العمل المدني والحقوقي تحت راية الوطن وثوابته المقدسة.
زيارة ضريح المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني طيب الله ثراهما
في سياق البرنامج الميداني الذي قامت به المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بالعاصمة الرباط، وبعد انتهاء الزيارة الرسمية لمجلس النواب، توجه أعضاء الوفد إلى ضريح محمد الخامس، حيث يرقد جثمانا المغفور له جلالة الملك محمد الخامس، بطل الاستقلال ورمز الكرامة الوطنية، والمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، باني المغرب الحديث، طيب الله ثراهما.
وقد كانت الزيارة لحظة وطنية وروحية سامية، وقف خلالها أعضاء الوفد بخشوع وإجلال أمام المعلمة التاريخية والروحية، مستحضرين تضحيات الملوك العظام في سبيل تحرير الوطن وبناء مؤسساته الدستورية وتعزيز وحدته الترابية.
وتم خلال الزيارة تلاوة الفاتحة ورفع الدعاء بالرحمة والمغفرة للراحلين العظيمين، سائلين الله تعالى أن يجزيهما خير الجزاء على ما قدّماه لهذا الوطن العزيز من خدمات جليلة، وأن يتغمدهما بواسع رحمته ويسكنهما فسيح جناته مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين.
كما جدد أعضاء المنظمة ولاءهم وارتباطهم بأهداب العرش العلوي المجيد، مؤكدين عزمهم على مواصلة مسار النضال الحقوقي والمدني بروح وطنية عالية، وإسهامهم في ترسيخ مبادئ الديمقراطية والمواطنة الفاعلة، في ظل القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
توصيات المنظمة
في ختام هذه الزيارة، توصي المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بما يلي:
1. تفعيل أكبر لأدوار المجتمع المدني عبر إشراكه في مناقشة مشاريع القوانين ذات البعد الحقوقي والاجتماعي.
2. تسهيل مساطر تقديم العرائض والملتمسات، عبر تبسيط النماذج وتعميم التكوين في هذا المجال.
3. إنشاء منصات تواصل دائمة بين البرلمان والجمعيات من أجل التشاور المستمر حول قضايا الساعة.
4. تخصيص أيام دراسية وتكوينية لفائدة منظمات المجتمع المدني حول المساطر البرلمانية.
5. دعم المجتمع المدني من خلال برامج تشاركية ومواكبة تقوية القدرات في المجال الدستوري والتشريعي.
6. التزام البرلمان بمبدأ الشفافية في نشر مشاريع القوانين ومداولات الجلسات على نحو يسهل تتبعها.
7. إحداث قناة برلمانية تفاعلية تُبث من خلالها جلسات الاستماع والتصويت والندوات التخصصية.
الخاتمة
تشكل هذه الزيارة نموذجًا ناجحًا لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين المؤسسات التمثيلية ومكونات المجتمع المدني. فالبرلمان ليس بناية مغلقة على النخبة، بل هو بيت الشعب، ومكان النقاش العمومي بامتياز. إن إقدام المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد على تنظيم هذه الزيارة يُبرز وعيًا متقدمًا بضرورة العمل من داخل المنظومة، والانخراط الواعي في تجويد السياسات العامة من منطلق المواطنة المسؤولة.
لقد كانت المناسبة فرصة للتكوين والتفاعل، وفرصة لربط علاقات دائمة مع المؤسسة التشريعية. ولا شك أن هذه الدينامية يجب أن تتواصل من خلال برمجة زيارات مماثلة لمؤسسات أخرى كالمحاكم الإدارية، والمجالس الجهوية، والمجالس الجماعية، حتى يكتمل الوعي المؤسساتي لدى المواطن، ويشعر أن مشاركته لها أثر مباشر في تحسين الأداء العمومي.
كما أن التحديات التي يواجهها المغرب اليوم على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، تفرض تظافر جهود الجميع، من برلمان، وحكومة، ومجتمع مدني، من أجل بناء نموذج ديمقراطي تنموي ناجع.
وفي هذا السياق، تجدد المنظمة التزامها بمواصلة الاشتغال، والتكوين، والمرافعة من أجل مغرب يتسع لجميع أبنائه، مغرب الحرية والكرامة، مغرب العدالة الاجتماعية، مغرب المؤسسات والمواطنة الواعية.
عاش الوطن، وعاش الملك، وعاشت مؤسسات الديمقراطية التشاركية.
-هاشتاجات:

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: