المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد

المغرب.. العنف ضد الرجال بعد العنف ضد النساء (تقرير)



المغرب.. العنف ضد الرجال بعد العنف ضد النساء (تقرير)

خبير مغربي اعتبر أن "الإيديولوجية الذكورية ليست موقوفة على الرجال فقط"




- 24 ألف حالة عنف ضد الرجال منذ 2008، 25% منها تتعلق بعنف جسدي
- العنف يشمل الطرد من بيت الزوجية وحرمانه من رؤية أبنائه
- الرجل يجد حرجا في التصريح بتعرضه لعنف من قِبل المرأة

في الوقت الذي تشير تقارير رسمية إلى ارتفاع حالات العنف ضد النساء في المغرب، تتواتر إحصاءات عن ارتفاع مطرد في حالات العنف ضد الرجال.
خبير مغربي اعتبر أن "الإيديولوجية الذكورية ليست موقوفة على الرجال فقط"، وآخر رأى أن "العنف وليد انهيار مجموعة من القيم في المجتمع".
وقدمت وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، في 14 مايو/ أيّار الماضي، النتائج الأولية للبحث الوطني الثاني حول انتشار العنف ضد النساء بالمغرب، يغطي الفترة ما بين 2 يناير/ كانون الأول و10 مارس/ آذار 2019.
وأظهرت نتائج البحث الرسمي أن معدل انتشار العنف ضد النساء في المغرب يقدر ب54.4 في المائة، وأن النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 25 و29 سنة الأكثر عرضة للعنف بحوالي 59.8 في المائة.
وفضلا عن العنف ضد النساء، تواتر في المغرب الحديث عن حالات العنف ضد الرجال.
واستقبلت الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال (غير حكومية)، منذ تأسيسها عام 2008، حوالي 24 ألف حالة عنف ضد الرجال، نحو 25 في المائة منها تتعلق بعنف جسدي.
ولا تنحصر إحصاءات الشبكة المغربية على العنف الجسدي، بل تشمل أنواعا أخرى من العنف كالطرد من بيت الزوجية والاستيلاء على مقدرات الزوج، وحرمان الأب من رؤية أبنائه، وغيرها.


** بحث وطني لأول مرة

ولقياس انتشار العنف ضد الرجال وأشكاله، أطلق المغرب لأول مرة بحثا وطنيا تشرف عليه المندوبية السامية للتخطيط (الهيئة الرسمية المكلفة بالإحصاء)، تحت عنوان "وقائع الحياة لدى الرجال والنساء 2019".

وانطلق هذا البحث في فبراير/شباط الماضي وينتهي الشهر الجاري (يونيو/حزيران)، ويشمل حوالي ثلاثة آلاف رجل، تتراوح أعمارهم ما بين 15 و74 عاما، موزعين على مختلف المدن المغربية.

ويهدف البحث الوطني لاستقصاء آراء أفراد الأسر المغربية حول أشكال العنف الذي تعرضوا له في مختلف الأوساط سواء في فضاءات عمومية أو خاصة، أو في العمل وعبر الأنترنت أو في بيت الزوجية.

وتتقصى استمارة البحث المتعلقة بوقائع الحياة لدى الرجال، ما إذا كان الرجل موضوع البحث قد تعرض للإهانة أو الإذلال أو الترهيب أو التهديد بالكلام أو مقاطعته من طرف زوجته أو خطيبته، أو ما إذا كانت هددته بفسخ العلاقة الزوجية والطرد من بيت الزوجية أو الخيانة أو حرمانه من الأبناء.

كما تتضمن أسئلة حول ما إذا كان الرجل قد تعرض للإيذاء الجسدي أو الصفع أو الضرب أو الركل أو الخنق أو التهديد باستخدام سكين أو استعماله فعليا، أو تعرض للإجبار على إقامة علاقة حميمية لم يكن يرغب فيها، أو أجبر على القيام بأعمال جنسية لم يرغب بها أو رأى أنها تحط من شأنه أو تذله.


** الذكورية تمتد إلى النساء


قال “أحمد شراك” أستاذ علم الاجتماع بجامعة سيدي محمد بن عبد الله (حكومية) بفاس (شمال)، إن "العنف ملة واحدة سواء كان من النساء اتجاه الرجال أو العكس".

وأضاف في حديث للأناضول، أنه "في إطار مجتمع ذكوري فإن المعروف أن النساء هن اللواتي يتعرضن للعنف فيما الرجال هم الذين يمارسونه، إما بشكل مادي كما هو في المجتمعات السائرة في طريق التقدم أو بشكل رمزي كما هو عليه الحال في العالم المتقدم".

واستدرك: "لكن الإيديولوجية الذكورية ليست موقوفة على جنس الرجال، بل يمكن أن تمتد حتى إلى بعض النساء فيمارسن العنف إذا كن يملكن سلطة ما تجاه الرجل".

وتابع قائلا: "الأيديولوجية الذكورية تتغلغل ليس داخل نفوس الرجال باعتبارهم رجالا بل داخل المجتمع ككل".

وأوضح "كل من ملك ميزان قوة أو سلطة ما فإنه نظريا يمكن أن يمارس العنف اتجاه الآخر".

وبهذا المعنى، يضيف شراك، "يمكن تفسير العنف ضد الرجال الذين قد يمارسون عنفا نفسيا اتجاه النساء فيكون رد الفعل قويا من طرف النساء".


** العنف ليس من فراغ

اعتبر علي الشعباني، وهو أكاديمي وباحث مغربي في علم الاجتماع، أن "العنف لا يأتي من فراغ فهو وليد انهيار مجموعة من القيم في المجتمع".

وأضاف في حديث للأناضول، أن "غياب التنشئة على قيم الاحترام وتقدير الآخر والصبر تجعل الإنسان يدافع عن مصالحه الضيقة فحسب، ويعتبر نفسه صاحب حق وإن كان ليس معه حق، مما يولد العنف".

ورأى الشعباني أن "العنف ضد الرجل كان موجودا دائما لكنه كان خفيا في السابق لعدة أسباب، أهمها أن الرجل كان يجد حرجا للتصريح بتعرضه لعنف من قِبل المرأة".

ولفت إلى أن "وصف المجتمع بالذكورية زاد من حرج الرجل بإعلان تعرضه لعنف".

وتابع قائلا: "العنف ضد الرجل لم يعد حبيس القاعات المغلقة بعد أن خرج إلى الواجهة عن طريق الإعلام والدراسات في السوسيولوجيا وعلم النفس".

واعتبر أن "المرأة لم تعد تتقبل العنف من الرجل كما كان عليه الأمر في السابق، بل أصبحت في أحيان كثيرة هي المبادرة للاستقواء على الرجل وتعنيفه".




 
 
ألف حالة عنف ضد الرجال حوالى 25 في المئة منها عنف جسدي (مواقع التواصل الاجتماعي)

"زوجتي تُعنّفني"، آلاف الرجال المغاربة يلجؤون إلى جمعيات حقوقية، تحميهم من العنف الأسري، وتستمع إلى قصصهم في مجتمع لا يعترف بضعف الرجال، ويعتبر الحديث عنه "تابو".

24 ألف حالة عنف ضد الرجال

كان من الصعب أن يصدّق أحد أن الرجال في المغرب، يتعرضون للعنف من زوجاتهم، لكن الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال، كشفت في تقريرها أنها استقبلت منذ تأسيسها عام 2008، حوالى 24 ألف حالة عنف ضد الرجال، حوالى 25 في المئة منها جسدي، وأشارت إحصاءات الشبكة إلى أنها سجلت أنواعاً أخرى من العنف كالطرد من بيت الزوجية والاستيلاء على ممتلكات الزوج، وحرمان الأب من رؤية أبنائه.

 
 

"كانت تُعنفني، وتشتمني"

"كانت تُعنفني، وتشتمني أمام الجيران والأطفال"، يتحدث "هشام" (36 سنة) عن تجربته مع العنف الزوجي، ويقول لـ "اندبندنت عربية" "كنت أتحمل شخصيتها الحادة لأجل الأطفال فقط، لأنني أدرك أن القانون سينصفها، وستحرمني من أطفالي، ويعتبر "هشام" أن لا أحد يساند الرجل أو يستمع إليه، ويضيف "نشأت في أسرة تحترم النساء، وكنت أقدرها بشكل كبير، لكنها لم تتقبل وضعي الاجتماعي، وكانت تقارنني برجال من العائلة، وعندما نتناقش، تضربني وتصرخ بصوت مرتفع، وتهددني بأنها ستحرمني من الأطفال، وتطردني من البيت".

العنف ضد الرجال "تابو"

يعدّ حديث الرجال عن تعرضهم للعنف في المجتمع المغربي "تابو"، ونادراً ما يكشفون عن معاناتهم داخل بيت الزوجية، ويتابع، "قمت بتصويرها عندما كانت تضربني، وحالياً أعمل على طلب الطلاق، وأتمنى من القضاء أن ينصفني، ويمنحني الحق في حضانة الأطفال، الجيران يسخرون مني، وينظرون إليّ على أنني لست رجلاً، وأنه يجب أن أدافع عن نفسي، وأضربها أيضاً، لكن أنا لا يمكن أن أرتكب جريمة وأدمّر مستقبلي، لقد صبرت لأجل الأطفال فقط".

"كنت أبكي بحرقة"

ولفت "هشام" إلى أن توثيقه عنف زوجته، سيُؤكد للقضاء تعرضه للعنف"، ويقول "أن يتعرض الرجل للعنف أمام أطفاله، ويسخر منه جيرانه، هو إحساس صعب، لا يمكن وصفه، لقد أثّرت علاقتي بزوجتي في عملي، لم أعد كالسابق، أصبحت قلقاً ومرتبكاً".

"زوجتي طردتني من البيت، وأخذت ممتلكاتي"، يقول "منير" الذي تعرّض للعنف من زوجته أيضاً "عنّفتني هي وأشقاؤها وطردوني من البيت، كنت أبكي بحرقة، لم أستطع تحمل أن أفقد بيتي وأن أُضرب وأشتم."

يتحدثون عن العنف بوجه مكشوف

وتنشر الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الرجال ضحايا العنف النسوي، على صفحتها في فيسبوك، قصص رجال ضحايا العنف، اختاروا الحديث عن معاناتهم بوجه مكشوف، وبسبب الحجر الصحي، تواكب الجمعية هؤلاء، وتستمع إلى قصصهم، وتتواصل الجمعية مع حوالى ثماني حالات لرجال ضحايا العنف في اليوم.

"الطرد من بيت الزوجية"

ويعتبر فؤاد الهمزي رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الرجال ضحايا العنف النسوي أن معاناة الرجال مع العنف تضاعفت خلال فترة الحجر الصحي، ويُضيف لـ "اندبندنت عربية"، "أنهم يستقبلون رجالاً تعرضوا للسبّ والشتم والطرد من بيت الزوجية"، ويُشدد على أن "الرجل عندما يتعرض للعنف ويتقدم بشكوى، تواجهه صعوبات عدة على خلاف المرأة، الرجال ضحايا العنف، أصبحوا يتحدثون عن معاناتهم من دون خوف من نظرة المجتمع، ونحن نستمع إليهم في الجمعية، وندعمهم."

"رجال ضحايا العنف حاولوا الانتحار"

ويشير المتحدث ذاته "إلى أن أكبر عدد من ضحايا العنف يوجد في مدينة الدار البيضاء، وأن الرجال أصبحت لديهم رغبة في التعبير عما يعيشونه من دون تردد أو خوف من نظرة المجتمع، ويقول "في البداية، كان الرجال ضحايا العنف مترددين، وكانوا يتصلون بنا فقط عبر الهاتف، ويكشف رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الرجال ضحايا العنف النسوي عن أنهم "رصدوا حالات لرجال ضحايا العنف حاولوا الانتحار، ووضع حدّ لحياتهم، لأنهم وجدوا أنفسهم مشردين ومحرومين من أطفالهم."

"الرجل يعاني من التهميش والإقصاء"

ويضيف الهمزي "الرجل المعنّف إذا خرج إلى الشارع تواجهه مشاكل مع الأمن ويُتهم بخرق حالة الطوارئ الصحية، وإذا بقي في البيت فهو يتعرض للعنف من زوجته، هناك عدد كبير من الجمعيات في المغرب تهتم فقط بالمرأة، في المقابل، يُعاني الرجل من التهميش والإقصاء"، ويتابع أنه "بعد تضرر الرجال، وتعرّض بعضهم للتشرد، أدركوا أهمية الانضمام إلى الجمعية بهدف المطالبة بحقوقهم".

ويؤكد أن "الحجر الصحي ساهم في ارتفاع نسب العنف ضد الرجال، لأن معظم الأزواج في بيوتهم لا يخرجون، ما يتسبب في خلافات ومشاكل زوجية يترتب عليها العنف"، ويعتبر أن نضاله لأجل حماية الرجل من العنف الزوجي يُعدّ قضية حياته، ولا يمكن أن يتخلى عنها على الرغم من التحديات، "أشعر بالسعادة عندما أنجح في مساعدة رجل تعرض للعنف وحُرم من حقوقه."

يشار إلى أن المغرب أطلق لأول مرة بحثاً وطنياً حول انتشار العنف ضد الرجال، تشرف عليه المندوبية السامية للتخطيط، وهي جهاز حكومي مغربي مكلف بالبحوث الوطنية وبإحصاء السكان.

المزيد عن: الجمعية المغربية للدفاع عن حقو

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: