الأمن الوطني: مدونة قواعد السلوك تتويج لمسار التخليق
قال العميد الإقليمي محمد الأبيض، رئيس قسم المراقبة والدراسات والافتحاص بالمفتشية العامة للمديرية العامة للأمن الوطني، الأربعاء بطنجة، إن صدور مدونة قواعد سلوك موظفي الأمن الوطني يعتبر تتويجا لمسار التخليق الذي انخرطت فيه المديرية العامة.
وأبرز المسؤول الأمني، في ندوة حول “التخليق دعامة أساسية في الاستراتيجية الأمنية” ضمن الدورة الثالثة لأيام لأبواب المفتوحة التي تنظمها المديرية العامة للأمن الوطني تحت شعار “خدمة المواطن .. شرف ومسؤولية”، أن المدونة، التي صدرت بشأنها مذكرة في 10 غشت الماضي، تتضمن المبادئ والمعايير التي يتعين أن تتوفر في رجل الأمن، وتحكم علاقاته في محيط عمله ومع المواطنين.
وأوضح السيد الأبيض أن مبادئ المدونة مستلهمة من مضامين الخطب الملكية ومن الدستور المغربي ومن المواثيق الدولية، وهي مدونة موجهة لكافة رجال الأمن، دونما اعتبار لرتبهم ومسؤولياتهم.
وتوقف عند السياق العام الذي جاء فيه إصدار المدونة، إذ على المستوى الخارجي، توصي تقارير المنظمات الدولية باعتماد مدونات سلوك لموظفي الأجهزة العاملة في مجال إنفاذ القانون، أما داخليا فهي تأتي في سياق توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة والمفهوم الجديد للسلطة ودسترة الآليات الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان وتجسيد السياسة الحكومية في مجال تخليق الحياة العامة.
وأشار السيد الأبيض إلى أن الغاية من اعتماد المدونة تكمن في ضمان جودة الخدمة الأمنية، وترسيخ ثقة المواطن في جهاز الأمن وتحسين صورته، ورفع الروح المعنوية للموظفين، والتحصين والوقاية من الانحراف والفساد واستغلال الوظيفة مع التقليل من التعرض للعقوبات التأديبية، واتسام العمل الشرطي بالقيم الأخلاقية.
واستعرض المقاربة المعتمدة من المديرية العامة للأمن الوطني لتخليق المرفق الأمني والتي تروم تحقيق مبدأ الشرطة المواطنة وتجسيد الحكامة الأمنية الرشيدة، موضحا أن هذه المقاربة تنقسم لثلاث مستويات، أولها المستوى التحسيسي من خلال إصدار سلسلة من المذكرات للحث على ثقافة الأخلاق بالمرفق الأمني والقطع نهائيا مع الفساد، وتفعيل آليات الرقابة الداخلية للحيلولة دون تسجيل أفعال تمس بالنزاهة والاستقامة.
أما على المستوى الوقائي، فقد تمت بالجانب الإجرائي المراجعة الشاملة لمباريات التوظيف وإجراء تغييرات في برامج التكوين، ومراجعة منظومة التنقيط والتقييم، واعتماد التدبير المعقلن للموارد البشرية، وتدعيم التواصل المرفقي والاهتمام بالجانب الصحي، مضيفا أنه على مستوى الجانب المؤسساتي، فقد تمت تقوية صلاحيات جهاز مفتشية الأمن الوطني وتفعيل دور الرقابة الداخلية وإحداث خلايا محاربة الرشوة تحت سلطة ولاة الأمن وتعزيز الشراكة مع مؤسسات تخليق الحياة العامة.
بينما على المستوى التقويمي والزجري، فقد استعرض السيد الأبيض حصيلة عمل المفتشية العامة في مجال المراقبة الوظيفية والأبحاث الإدارية خلال السنوات الأخيرة، حيث تميزت الفترة المنصرمة من السنة الجارية بالقيام ب 29 عملية مراقبة و 481 بحثا وإقرار 436 إجراء تأديبيا، كما تم التوصل ب 531 شكاية مقدمة من المواطنين والهيئات في مواجهة رجال الأمن، موضحا انه تم توقيع عدد من العقوبات الإدارية والمتابعات القضائية في حق رجال الأمن المخالفين للضوابط المهنية.
وفي مقابل إرساء دعائم متينة للتخليق، في شقيه المرفقي المتعلق بتعزيز شفافية المساطر الإدارية، أو الشخصي المرتبط بتأطير وتوجيه سلوك الموظفين، فقد شددت المديرية العامة للأمن الوطني على أنها عازمة على الرفع من الحوافز الإدارية والاجتماعية والضمانات المكفولة لموظفيها، وذلك لتمكينهم من الاضطلاع الأمثل بمهامهم المتمثلة في خدمة قضايا أمن الوطن والمواطنين، وخلق مناخ اجتماعي ومهني مندمج يسمح لهم بمضاعفة الجهود لكسب رهانات مكافحة الجريمة وتدعيم الإحساس بالأمن والوقاية من كل مظاهر الجنوح والانحراف.
كشفت المديرية العامة للأمن الوطني في مجلتها الشهرية عن أبرز مضامين دليل الشرطي في مجال حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية، في ظل الجدل الدائر حاليا بالمغرب حول حقوق الإنسان ومسؤولية رجال الأمن تجاه المواطنين.
الدليل تم تعميمه بعد التقرير الأخير الذي أصدرته منظمة العفو الدولية، والتي انتقدت أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، وأقرت بتعرض مجموعة من المغاربة للتعذيب من طرف رجال الأمن، وهو التقرير الذي ردت عليه الدولة المغربية بقوة متهمة تقرير “أمنسيتي” ب “عدم المصداقية واللاموضوعية”.
ونصت مدونة قواعد سلوك موظفي الأمن الوطني على ضرورة التزام الشرطي بالسهر على حماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية المكفولة دستوريا وقانونيا للأشخاص بدون محاباة أو محسوبية أو تمييز بين الدين أو النوع أو العرق أو الانتماء السياسي أو الإديولوجي أو النقابي.
إضافة غلى تأكيدها على ضرورة منع قيام رجل الأمن بأية معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة للأشخاص تحت أي مبرر أو ذريعة، مع وجوب معاملتهم معاملة تراعي الكرامة الإنسانية.
وشددت المدونة على حظر ارتكاب رجل الأمن لأي عمل من أعمال الاعتقال التعسفي أو السري أو الاخفاء القسري للأشخاص أو أي شكل من أشكال التعذيب، فضلا عن عدم جواز توقيف الأشخاص أو تقييد حريتهم إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون.
من جهة أخرى تم التأكيد على وجوب احترام ضمانات توقيف الأشخاص، التي تتطلب لزوما إشعار كل شخص موقوف، على الفور وبكيفية يفهمها، بدواعي توقيفه مع إعلامه بحقوقه القانونية، بما فيه حقه في التزام الصمت، والاستفادة من مساعدة قانونية، ومن إمكانية الاتصال بأقربائه.
وشددت مدونة قواعد السلوك على ضرورة تحلي موظف الأمن الوطني بالحزم والتبصر وعدم جواز التعسف في استعمال القوة، بالإضافة إلى ضرورة التزام أقصى درجات الحيطة والحذر بمناسبة استعماله سلاحه الوظيفي.
ومن جملة المعايير الحقوقية التي تضمنتها المدونة، تأكيدها على “صون موظف الأمن حرمة المنازل، ولا يقوم بأي تفتيش إلا وفق الشروط والإجراءات التي ينص عليها القانون.
اترك تعليقا: